النَّسَائِيِّ، وَقَالَ: رَضِيتُ بِهِ حُجَّةً بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْحَدَّادِ فَقِيهًا فُرُوعِيًّا، وَمُحَدِّثًا وَنَحْوِيًّا وَفَصِيحًا فِي الْعِبَارَةِ دَقِيقَ النَّظَرِ فِي الْفُرُوعِ، لَهُ كِتَابٌ فِي ذَلِكَ غَرِيبُ الشَّكْلِ، وَقَدْ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِمِصْرَ نيابة عن أبى عبيد بن حربويه. ذكرناه فِي طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ.
إِسْحَاقُ بن إبراهيم بن هاشم بن يعقوب النَّهْدِيُّ، قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: مِنْ أَهْلِ أَذْرِعَاتٍ- مَدِينَةٍ بِالْبَلْقَاءِ- أَحَدُ الثِّقَاتِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصالحين. رحل وحدث عنه جماعة من أجل أَهْلِ دِمَشْقَ وَعُبَّادِهَا وَعُلَمَائِهَا، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابن عساكر القفصي تَدُلُّ عَلَى صَلَاحِهِ وَخَرْقِ الْعَادَةِ لَهُ، فَمِنْ ذلك قَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَقْبِضَ بَصَرِي فَعَمِيتُ، فَلَمَّا اسْتَضْرَرْتُ بِالطَّهَارَةِ سَأَلْتُ اللَّهَ عَوْدَهُ فَرَدَّهُ عَلَيَّ.
تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ- سنة أربع وخمسين- وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِينَ.
وفيها عَصَى الرُّوزْبَهَانُ عَلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ وَانْحَازَ إِلَى الْأَهْوَازِ وَلَحِقَ بِهِ عَامَّةُ مَنْ كَانَ مَعَ الْمُهَلَّبِيِّ الَّذِي كَانَ يُحَارِبُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ معز الدولة لم يصدقه لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ وَرَفَعَ مِنْ قدره بعد الضعة والخمول، ثم تبين له أن ذلك حق، فخرج لقتاله وتبعه الْخَلِيفَةُ الْمُطِيعُ للَّه خَوْفًا مِنْ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بن حمدان فإنه قد بلغه أنه جهز جيشا مع ولده أبى المرجّى جاير إلى بغداد ليأخذها، فَأَرْسَلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ حَاجِبَهُ سُبُكْتِكِينَ إِلَى بَغْدَادَ، وصمد معز الدولة إلى الروزبهان فاقتتلوا قتالا شديدا، وهزمه مُعِزُّ الدَّوْلَةِ وَفَرَّقَ أَصْحَابَهُ وَأَخَذَهُ أَسِيرًا إِلَى بغداد فَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ لَيْلًا وَغَرَّقَهُ، لِأَنَّ الدَّيْلَمَ أَرَادُوا إِخْرَاجَهُ مِنَ السَّجْنِ قَهْرًا. وَانْطَوَى ذِكْرُ رُوزْبَهَانَ وَإِخْوَتِهِ، وَكَانَ قَدِ اشْتَعَلَ اشْتِعَالَ النَّارِ. وحظيت الأتراك عند معز الدولة وانحطت رتبة الدَّيْلَمُ عِنْدَهُ، لِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ خِيَانَتُهُمْ فِي أَمْرِ الرُّوزْبَهَانِ وَإِخْوَتِهِ.
وَفِيهَا دَخَلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ فَقَتَلَ وَسَبَى وَرَجَعَ إِلَى حَلَبَ، فَحَمِيَتِ الرُّومُ فَجَمَعُوا وَأَقْبَلُوا إِلَى مَيَّافَارِقِينَ فَقَتَلُوا وَسَبَوْا وَحَرَقُوا وَرَجَعُوا، وَرَكِبُوا فِي الْبَحْرِ إِلَى طَرَسُوسَ فَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِهَا أَلْفًا وَثَمَانِمِائَةٍ، وَسَبَوْا وَحَرَقُوا قُرًى كَثِيرَةً. وَفِيهَا زُلْزِلَتْ هَمَذَانُ زلزالا شديدا تهدمت الْبُيُوتُ وَانْشَقَّ قَصْرُ شِيرِينَ بِصَاعِقَةٍ، وَمَاتَ تَحْتَ الهدم خلق كثير لا يحصون كثرة، وَوَقَعَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ أَهْلِ أَصْبَهَانَ وَأَهْلِ قُمَّ بِسَبَبِ سَبِّ الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ قُمَّ، فثاروا عليهم أهل أصبهان وقتلوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَنَهَبُوا أَمْوَالَ التُّجَّارِ، فَغَضِبَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ لِأَهْلِ قُمَّ، لِأَنَّهُ كَانَ شِيعِيًّا، فصادر أهل أصبهان بأموال كثيرة.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الواحد بن أبى هاشم أبو عمرو الزَّاهِدُ غُلَامُ ثَعْلَبٍ، رَوَى عَنِ الْكُدَيْمِيِّ وَمُوسَى بن