عنده وخلفه أربعمائة غلام لنفسه، فمكث أياما ثم تبين عجزه عن القيام بالأمور فأضيف إليه على بن عيسى لِيُنْفِذَ الْأُمُورَ وَيَنْظُرَ مَعَهُ فِي الْأَعْمَالِ، وَكَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ مِمَّنْ يَكْتُبُ أَيْضًا بحضرة حامد ابن الْعَبَّاسِ الْوَزِيرِ، ثُمَّ صَارَتِ الْمُنْزِلَةُ كُلُّهَا لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى، وَاسْتَقَلَّ بِالْوِزَارَةِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ. وَفِيهَا أَمَرَتِ السَّيِّدَةُ أُمُّ الْمُقْتَدِرِ قَهْرَمَانَةً لَهَا تعرف بتملى أن تجلس بالتربة الَّتِي بَنَتْهَا بِالرُّصَافَةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمْعَةٍ وَأَنْ تَنْظُرَ فِي الْمَظَالِمِ الَّتِي تُرْفَعُ إِلَيْهَا في القصص، ويحضر فِي مَجْلِسِهَا الْقُضَاةُ وَالْفُقَهَاءُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا الفضل الهاشمي.
أَبُو الْقَاسِمِ الْكِلَابِيُّ الشَّافِعِيُّ، سَمِعَ الْحَارِثَ بْنَ مِسْكِينٍ وَغَيْرَهُ، وكان رجلا صالحا، تفقه عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ يُحِبُّ الْخَلْوَةَ وَالِانْقِبَاضَ، تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا. أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ الْمُكْثِرِينَ الْمُعَمَّرِينَ.
أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَاضِي بِشِيرَازَ، صَنَّفَ نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةِ مُصَنَّفٍ، وَكَانَ أَحَدَ أئمة الشافعية، ويلقب بالباز الأشهب، أخذ الفقه عن أبى قاسم الْأَنْمَاطِيِّ وَعَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، كَالْمُزَنِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ انْتَشَرَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْآفَاقِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ترجمته في الطبقات. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا عَنْ سَبْعٍ وخمسين سنة وستة أشهر. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ الْخَامِسَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَعُمُرُهُ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سنة وثلاثة أَشْهُرٍ، وَقَبْرُهُ يُزَارُ.
أَبُو عبد الله الجلاد بغدادي، سكن الشام وصحب أبا تراب النَّخْشَبِيَّ، وَذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ، رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ بِسَنَدِهِ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبَوَيَّ وَأَنَا شَابٌّ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَهِبَانِي للَّه عَزَّ وَجَلَّ. فَقَالَا: قَدْ وَهَبْنَاكَ للَّه. فَغِبْتُ عَنْهُمَا مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى بَلَدِنَا عِشَاءً فِي ليلة مطيرة، فانتهيت إلى الباب فدفعته فقالا: من هذا؟ فقلت: أنا ولد كما فُلَانٌ، فَقَالَا: إِنَّهُ قَدْ كَانَ لَنَا وَلَدٌ وَوَهَبْنَاهُ للَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَنَحْنُ مِنَ الْعَرَبِ لَا نَرْجِعُ فِيمَا وَهَبْنَا. وَلَمْ يَفْتَحَا لِيَ الباب.
الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَهُوَ أَخُو الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، كَانَ إِلَيْهِ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ بِالْأُرْدُنِّ.
أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوَالِيقِيُّ الْقَاضِي، الْمَعْرُوفُ بِعَبْدَانَ، الْأَهْوَازِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، كَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظِ الْأَثْبَاتِ، يَحْفَظُ مِائَةَ أَلْفِ حديث، جمع المشايخ والأبواب، روى عنه هُدْبَةَ وَكَامِلِ بْنِ طَلْحَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ ابْنُ صاعد والمحاملي وغيرهم.
سَكَنَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيِّ وَبِشْرِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَقَدِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي حَدِيثِهِ غَرَائِبُ وَمَنَاكِيرُ. تُوُفِّيَ فِي شوال منها.