فَكَرِهَ أَنْ يُفْزِعَهُ فَقَالَ نَعَمْ نَمْ فَنَامَ. ثُمَّ نَادَاهُ الثَّانِيَةَ فَكَذَلِكَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ فَإِذَا جِبْرِيلُ يَدْعُوهُ فَجَاءَهُ فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ قَدْ بَعَثَكَ إِلَى قَوْمِكَ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَعَهُمْ مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَالله عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ. وَقال لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَالله يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَالله واسِعٌ عَلِيمٌ. وَقال لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمن لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لَا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَالله مَعَ الصَّابِرِينَ. وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ 2: 246- 251 قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ كَانَ نَبِيُّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هُوَ شَمْوِيلَ. وَقِيلَ شَمْعُونُ وَقِيلَ هُمَا وَاحِدٌ وَقِيلَ يُوشَعُ وَهَذَا بَعِيدٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ بَيْنَ مَوْتِ يُوشَعَ وَبَعْثَةِ شَمْوِيلَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةً فاللَّه أَعْلَمُ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَمَّا أَنْهَكَتْهُمُ الْحُرُوبُ وَقَهْرَهُمُ الْأَعْدَاءُ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُنَصِّبَ لَهُمْ مَلِكًا يَكُونُونَ تَحْتَ طَاعَتِهِ لِيُقَاتِلُوا مِنْ وَرَائِهِ وَمَعَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْأَعْدَاءَ فَقَالَ لَهُمْ (هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ الله) 2: 246 أَيْ وَأَيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُنَا مِنَ الْقِتَالِ وَقَدْ أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) يَقُولُونَ نَحْنُ مَحْرُوبُونَ مَوْتُورُونَ فَحَقِيقٌ لَنَا أَنْ نقاتل عن أبنائنا المنهورين الْمُسْتَضْعَفِينَ فِيهِمْ الْمَأْسُورِينَ فِي قَبْضَتِهِمْ. قَالَ تَعَالَى فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَالله عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ 2: 246 كَمَا ذَكَرَ فِي آخِرِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزِ النَّهْرَ مَعَ الْمَلِكِ إِلَّا الْقَلِيلُ وَالْبَاقُونَ رَجَعُوا وَنَكَلُوا عَنِ الْقِتَالِ (وَقال لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً) 2: 247 قال الثعلبي وهو طالوت بن قيش بن أفيل بن صارو بن تحورت بْنِ أَفِيحَ بْنِ أَنِيسَ بْنِ بِنْيَامِينَ بْنِ يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم الخليل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015