وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ إِنَّ كَالِبَ بْنَ يُوفَنَّا لَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ بَعْدَ يُوشَعَ خَلَفَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حِزْقِيلَ بْنَ بُوذَى وَهُوَ ابْنُ الْعَجُوزِ وَهُوَ الَّذِي دَعَا لِلْقَوْمِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِيمَا بَلَغَنَا (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) 2: 243 قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَرُّوا مِنَ الْوَبَاءِ فَنَزَلُوا بِصَعِيدٍ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا فَحَظَرُوا عَلَيْهِمْ حَظِيرَةً دُونَ السِّبَاعِ فَمَضَتْ عَلَيْهِمْ دُهُورٌ طَوِيلَةٌ فَمَرَّ بِهِمْ حِزْقِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ مُتَفَكِّرًا فَقِيلَ لَهُ أَتُحِبُّ أَنْ يَبْعَثَهُمُ اللَّهُ وَأَنْتَ تَنْظُرُ فَقَالَ نَعَمْ فَأُمِرَ أَنْ يَدْعُوَ تِلْكَ الْعِظَامَ أَنْ تَكْتَسِيَ لَحْمًا وَأَنْ يَتَّصِلَ الْعَصَبُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَنَادَاهُمْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِذَلِكَ فَقَامَ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ أُنَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي قَوْلِهِ. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ 2: 243 قَالُوا كَانَتْ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا دَاوَرْدَانُ قِبَلَ وَاسِطَ وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ فَهَرَبَ عَامَّةُ أَهْلِهَا فَنَزَلُوا نَاحِيَةً مِنْهَا فَهَلَكَ مَنْ بَقِيَ فِي الْقَرْيَةِ وَسَلِمَ الْآخَرُونَ فَلَمْ يَمُتْ مِنْهُمْ كَثِيرٌ فَلَمَّا ارْتَفَعَ الطَّاعُونُ رَجَعُوا سَالِمِينَ فَقَالَ الَّذِينَ بَقُوا أَصْحَابُنَا هَؤُلَاءِ كَانُوا أَحْزَمَ مِنَّا لَوْ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعُوا بَقِينَا وَلَئِنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ ثَانِيَةً لَنَخْرُجَنَّ مَعَهُمْ فَوَقَعَ فِي قَابِلٍ فَهَرَبُوا وَهُمْ بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا حَتَّى نَزَلُوا ذَلِكَ الْمَكَانَ وَهُوَ وَادٍ أَفْيَحُ فَنَادَاهُمْ مَلَكٌ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي وَآخَرُ مِنْ أَعْلَاهُ أَنْ مُوتُوا فَمَاتُوا حَتَّى إِذَا هَلَكُوا وَبَقِيَتْ أَجْسَادُهُمْ مَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ يُقَالُ لَهُ حِزْقِيلُ فَلَمَّا رَآهُمْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ يَتَفَكَّرُ فِيهِمْ وَيَلْوِي شِدْقَيْهِ وَأَصَابِعَهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ كَيْفَ أُحْيِيهِمْ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّمَا كَانَ تَفَكُّرُهُ أَنَّهُ تَعَجَّبَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَقِيلَ لَهُ نَادِ فَنَادَى يَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَجْتَمِعِي فَجَعَلَتِ الْعِظَامُ يَطِيرُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ حَتَّى كَانَتْ أَجْسَادًا مِنْ عظام ثم أوحى الله اليه ان ناديا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَكْتَسِي لَحْمًا فَاكْتَسَتْ لَحْمًا وَدَمًا وَثِيَابَهَا الَّتِي مَاتَتْ فِيهَا. ثُمَّ قِيلَ لَهُ نَادِ فَنَادَى أَيَّتُهَا الْأَجْسَادُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَقُومِي فَقَامُوا. قَالَ أَسْبَاطٌ فَزَعَمَ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ قالوا حين أحيوا (سبحانك اللَّهمّ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ) فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ أَحْيَاءً يَعْرِفُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا مَوْتَى سَحْنَةَ الْمَوْتِ عَلَى وُجُوهِهِمْ لَا يَلْبَسُونَ ثَوْبًا إِلَّا عاد رسما حَتَّى مَاتُوا لِآجَالِهِمُ الَّتِى كُتِبَتْ لَهُمْ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَعَنْهُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ تِسْعَةَ آلَافٍ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا كَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا. وعن سعيد ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانُوا مِنْ أَهْلِ أَذَرِعَاتٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ هَذَا مَثَلٌ يَعْنِي أَنَّهُ سِيقَ مَثَلًا مُبَيِّنًا أَنَّهُ لَنْ يُغْنِيَ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَقْوَى أَنَّ هَذَا وَقَعَ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَصَاحِبَا الصَّحِيحِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغٍ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِالشَّامِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ يَعْنِي فِي مُشَاوَرَتِهِ الْمُهَاجِرِينَ