وَفِيهَا أَسْلَمَ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ عَلَى يَدَيِ الْمَأْمُونِ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسِ بن محمد بن علي العباسي، وَكَانَ وَالِيَ مَكَّةَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ بَعْدَ هَذِهِ السَّنَةِ صَائِفَةٌ إِلَى سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ ومائتين. وفيها توفي مِنَ الْأَعْيَانِ:
سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَبْرَشُ [1] ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْفَقِيهُ الرَّاوِي عَنْ مَالِكٍ بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَدِمَ عَلَى الرَّشِيدِ فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ جَزِيلٍ، نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفًا فَلَمْ يَقْبَلْهُ. وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الشيبانيّ [2] . ومحمد بن سلمة [3] ، ومحمد بْنُ الْحُسَيْنِ الْمِصِّيصِيُّ أَحَدُ الزُّهَّادِ الثِّقَاتِ. قَالَ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِكَلِمَةٍ أَحْتَاجُ إِلَى الِاعْتِذَارِ مِنْهَا منذ خمسين سنة. وفيها توفي معمر الرقي.
فِيهَا دَخَلَ هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ إِلَى خُرَاسَانَ نَائِبًا عَلَيْهَا، وَقَبَضَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ عِيسَى فَأَخَذَ أمواله وحواصله وأركبه على بعير وجهه لذنبه وَنَادَى عَلَيْهِ بِبِلَادِ خُرَاسَانَ، وَكَتَبَ إِلَى الرَّشِيدِ بذلك فشكره على ذلك، ثم أرسله إِلَى الرَّشِيدِ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُبِسَ بِدَارِهِ بِبَغْدَادَ. وَفِيهَا وَلَّى الرَّشِيدُ ثَابِتَ بْنَ نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ نِيَابَةَ الثُّغُورِ فَدَخَلَ بِلَادَ الرُّومِ وَفَتَحَ مطمورة. وفيها كان الصلح بين المسلمين والروم على يد ثَابِتِ بْنِ نَصْرٍ. وَفِيهَا خَرَجَتْ الْخُرَّمِيَّةُ بِالْجَبَلِ وَبِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ. فَوَجَّهَ الرَّشِيدُ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيَّ فِي عَشَرَةِ آلاف فارس فقتل منهم خلقا وَأَسَرَ وَسَبَى ذَرَارِيهِمْ، وَقَدِمَ بِهِمْ بَغْدَادَ فَأَمَرَ له الرشيد بقتل الرجال منهم، وبالذرية فبيعوا فيها. وَكَانَ قَدْ غَزَاهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ خُزَيْمَةُ بْنُ خَازِمٍ.
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا قَدِمَ الرَّشِيدُ مِنَ الرَّقَّةِ إِلَى بَغْدَادَ فِي السُّفُنِ وَقَدْ اسْتَخْلَفَ عَلَى الرَّقَّةِ ابْنَهُ الْقَاسِمَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ خُزَيْمَةُ بْنُ خَازِمٍ، وَمِنْ نِيَّةِ الرَّشِيدِ الذَّهَابُ إِلَى خُرَاسَانَ لِغَزْوِ رَافِعِ بْنِ لَيْثٍ الَّذِي كَانَ قَدْ خَلَعَ الطَّاعَةَ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ مِنْ بِلَادِ سَمَرْقَنْدَ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ خَرَجَ الرَّشِيدُ فِي شَعْبَانَ قَاصِدًا خُرَاسَانَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى بَغْدَادَ ابْنَهُ مُحَمَّدًا الْأَمِينَ، وَسَأَلَ الْمَأْمُونُ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ خَوْفًا مِنْ غَدْرِ أَخِيهِ الْأَمِينِ، فَأَذِنَ لَهُ فَسَارَ مَعَهُ وَقَدْ شَكَا الرَّشِيدُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ إِلَى بَعْضِ أُمَرَائِهِ جَفَاءَ بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ وُلَاةَ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَرَاهُ دَاءً فِي جَسَدِهِ، وَقَالَ إِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ وَالْقَاسِمِ عِنْدِي عَيْنًا عَلَيَّ، وَهُمْ يَعُدُّونَ أَنْفَاسِي وَيَتَمَنَّوْنَ انْقِضَاءَ أَيَّامِي، وَذَلِكَ شَرٌّ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. فَدَعَا لَهُ ذَلِكَ الْأَمِيرُ ثُمَّ أمر له الرَّشِيدُ بِالِانْصِرَافِ إِلَى عَمَلِهِ وَوَدَّعَهُ، وَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ.
وَفِيهَا تَحَرَّكَ ثَرْوَانُ الْحَرُورِيُّ وَقَتَلَ عَامِلَ السُّلْطَانِ بِطَفِّ الْبَصْرَةِ. وَفِيهَا قَتَلَ الرَّشِيدُ الْهَيْصَمَ الْيَمَانِيَّ. وَمَاتَ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ وَهُوَ يريد اللحاق بالرشيد فمات في الطريق. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي جعفر المنصور.
وفيها توفي: