إلى بلاد الترك، وكان في دخوله بلاد رتبيل ما تقدم، ثُمَّ شَرَعَ الْحَجَّاجُ فِي تَتَبُّعِ أَصْحَابِ ابْنِ الأشعث فجعل يقتلهم مَثْنَى وَفُرَادَى، حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ قَتَلَ مِنْهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَبْرًا مِائَةَ أَلْفٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا، قاله النضر ابن شُمَيْلٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ، وَجَمَاعَاتٌ مِنَ السادات الأخيار، والعلماء الأبرار، حَتَّى كَانَ آخِرُهُمْ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُمْ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بَنِي الحجاج واسط، وَكَانَ سَبَبَ بِنَائِهِ لَهَا أَنَّهُ رَأَى رَاهِبًا عَلَى أَتَانٍ قَدْ أَجَازَ دِجْلَةَ، فَلَمَّا مَرَّ بِمَوْضِعِ وَاسِطٍ وَقَفَتْ أَتَانُهُ فَبَالَتْ، فَنَزَلَ عَنْهَا وَعَمَدَ إِلَى مَوْضِعِ بَوْلِهَا فَاحْتَفَرَهُ وَرَمَى بِهِ فِي دِجْلَةَ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: عَلَيَّ بِهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ لَهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِي كُتُبِنَا أَنَّهُ يُبْنَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَسْجِدٌ يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهِ مَا دَامَ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يُوَحِّدُهُ. فَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتَطَّ الْحَجَّاجُ مَدِينَةَ وَاسِطٍ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَبَنَى الْمَسْجِدَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ عَطَاءِ بْنِ رَافِعٍ صَقَلِّيَةَ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْخَوْلَانِيُّ الْمِصْرِيُّ، رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ أَمِيرُ مِصْرَ قَدْ جَمَعَ لَهُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْقَصَصِ وَبَيْتِ الْمَالِ، وَكَانَ رِزْقُهُ فِي الْعَامِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَكَانَ لَا يَدَّخِرُ مِنْهَا شَيْئًا.
ابن عَبْدِ شَمْسٍ الْأَحْمَسِيُّ مِمَّنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَزَا فِي خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِضْعًا وَأَرْبَعِينَ غَزَاةً، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ هَذِهِ السَّنَةَ.
ابن الْخِيَارِ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحدث عن جماعة من الصحابة عبد الله بن قيس ابن مخرمة، كان قاضى المدينة. وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ قُرَيْشٍ وَعُلَمَائِهِمْ وَأَبُوهُ عَدِيٌّ ممن قتل يوم بدر كافرا وَتُوُفِّيَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو الْخَيْرِ الْيَزْنِيُّ. وَفِيهَا فُقِدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ الْأَشْعَثِ، مِنْهُمْ مَنْ هَرَبَ وَمِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُسِرَ فَضَرَبَ الْحَجَّاجُ عُنُقَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَتَبَّعَهُ الْحَجَّاجُ حَتَّى قَتَلَهُ، وَقَدْ سَمَّى مِنْهُمْ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ طَائِفَةً مِنَ الْأَعْيَانِ، فَمِنْهُمْ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيُّ، وَأَبُو مَرَّانَةَ الْعِجْلِيُّ قُتِلَ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الغفار قتل، وعقبة بن وشاح قتل، وعبد الله بن خالد الْجَهْضَمِيُّ قُتِلَ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ قُتِلَ، وَالنَّضِرُ بن أنس، وعمران والد أبى حمزة الضُّبَعِيُّ، وَأَبُو الْمِنْهَالِ سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ الرِّيَاحِيُّ، ومالك بن دينار، ومرة بن ذباب الهدادى وأبو نجيد الجهضمي، وأبو سبيج الْهَنَائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَأَخُوهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ قَالَ أَيُّوبُ: