سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: مَا كَانَتْ فِي عَلِيٍّ خَصْلَةٌ تَقْصُرُ بِهِ عَنِ الْخِلَافَةِ، ولم يكن في معاوية خصلة ينازع بها علياً. وَقِيلَ لِشَرِيكٍ الْقَاضِي: كَانَ مُعَاوِيَةُ حَلِيمًا؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِحَلِيمٍ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَقَاتَلَ عَلِيًّا. رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ وَأَنَّهُ لَبَّى عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا، ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيًّا لَبَّى عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَتَرَكَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ مُوسَى ثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَأَبُو بكر وعمر جالسان عنده، فسلمت عليه وَجَلَسْتُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ إِذْ أُتِيَ بَعَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، فَأُدْخِلَا بَيْتًا وَأُجِيفَ الْبَابُ وَأَنَا أَنْظُرُ، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ خَرَجَ عَلِيٌّ وَهُوَ يَقُولُ: قُضِيَ لِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ مَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ يَقُولُ: غُفِرَ لِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي أُبْغِضُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَاتَلَ عَلِيًّا، فَقَالَ لَهُ أَبُو زُرْعَةَ: وَيْحَكَ إِنَّ رَبَّ مُعَاوِيَةَ رَحِيمٌ، وَخَصْمُ مُعَاوِيَةَ خَصْمٌ كَرِيمٌ، فَأَيْشِ دُخُولُكَ أَنْتَ بَيْنَهُمَا؟ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَمَّا جَرَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ فَقَرَأَ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ 2: 134 وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: سُئِلَ الْحَسَنُ عَمَّا جَرَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فَقَالَ: كَانَتْ لِهَذَا سَابِقَةٌ وَلِهَذَا سَابِقَةٌ، وَلِهَذَا قَرَابَةٌ وَلِهَذَا قَرَابَةٌ، فَابْتُلِيَ هَذَا وَعُوفِيَ هَذَا. وَسُئِلَ عَمَّا جَرَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ فَقَالَ: كَانَتْ لِهَذَا قَرَابَةٌ وَلِهَذَا قَرَابَةٌ، وَلِهَذَا سَابِقَةٌ وَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا سَابِقَةٌ، فَابْتُلِيَا جَمِيعًا. وَقَالَ كُلْثُومُ بْنُ جَوْشَنٍ:
سَأَلَ النَّضْرُ أَبُو عُمَرَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلُ أَمْ عَلِيٌّ؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا سَوَاءَ، سبقت لعلى سوابق يشركه فيها أبو بكر، وأحدث على حوادث لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، أَبُو بَكْرٍ أفضل.
قال: فَعُمَرُ أَفْضَلُ أَمْ عَلِيٌّ؟ فَقَالَ: مِثْلَ قَوْلِهِ في أبى بكر، ثُمَّ قَالَ: عُمَرُ أَفْضَلُ. ثُمَّ قَالَ: عُثْمَانُ أَفْضَلُ أَمْ عَلِيٌّ؟ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: عُثْمَانُ أَفْضَلُ. قَالَ: فِعَلِيٌّ أَفْضَلُ أَمْ مُعَاوِيَةُ؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا سَوَاءَ سَبَقَتْ لِعَلِيٍّ سَوَابِقُ لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهَا مُعَاوِيَةُ، وَأَحْدَثَ عَلِيٌّ أَحْدَاثًا شَرِكَهُ فِيهَا مُعَاوِيَةُ، عَلِيٌّ أَفْضَلُ مِنْ مُعَاوِيَةَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَنْقِمُ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ، قِتَالَهُ عَلِيًّا، وَقَتْلَهُ حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ، وَاسْتِلْحَاقَهُ زِيَادَ بْنَ أَبِيهِ، وَمُبَايَعَتَهُ لِيَزِيدَ ابْنِهِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ. قَالَ: لَمَّا جَاءَ خَبَرُ قَتْلِ عَلِيٍّ إِلَى مُعَاوِيَةَ جَعَلَ يَبْكِي، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَتَبْكِيهِ وَقَدْ قَاتَلْتَهُ؟ فَقَالَ: وَيْحَكِ إِنَّكِ لَا تَدْرِينَ مَا فَقَدَ النَّاسُ مِنَ الْفَضْلِ وَالْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، وفي رواية أنها قالت له بالأمس تقاتلنه واليوم تبكينه؟
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ مَقْتَلُ عَلِيٍّ فِي رَمَضَانَ سنة أربعين، وَلِهَذَا قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ بويع