صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، شَهِدَ الحديبيّة، وكان هو الّذي كان يَرْفَعُ أَغْصَانَ الشَّجَرَةِ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُبَايِعُ النَّاسَ تَحْتَهَا، وَكَانَتْ مِنَ السَّمُرِ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ 48: 18 وَقَدْ وَلَّاهُ عُمَرُ إِمْرَةَ الْبَصْرَةِ فَحَفَرَ بِهَا النَّهْرَ الْمَنْسُوبَ إِلَيْهِ، فَيُقَالُ نَهْرُ مَعْقِلٍ، وَلَهُ بِهَا دَارٌ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: دَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ عَلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لو لَمْ أَكُنْ عَلَى حَالَتِي هَذِهِ لَمْ أُحَدِّثْكَ بِهِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنِ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يُحِطْهَا بْنصِيحَةٍ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ» . وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ
أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَاسْمِ أَبِيهِ عَلَى أقوال متعددة، وقد بَسَطْنَا أَكْثَرَهَا فِي كِتَابِنَا التَّكْمِيلِ، وَقَدْ بَسَطَ ذلك ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ، وَالْأَشْهُرُ أَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ وَهُوَ مِنَ الْأَزْدِ، ثُمَّ مِنْ دَوْسٍ. وَيُقَالُ: كَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ شَمْسٍ، وَقِيلَ عَبْدَ نِهْمٍ، وَقِيلَ عَبْدَ غَنْمٍ، وَيُكَنَّى بِأَبِي الْأُسُودِ، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ، وَقِيلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَكَنَّاهُ بِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَجَدْتُ هُرَيْرَةً وَحْشِيَّةً فَأَخَذْتُ أَوْلَادَهَا فَقَالَ لِي أَبِي: مَا هَذِهِ فِي حِجْرِكَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَنْتَ أَبُو هُرَيْرَةَ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: «أَبَا هِرٍّ» وَثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ الكلبي والطبراني: اسم أمه ميمونة بنت صفيح بن الحارث بن أبى صعب بن هبة بْنِ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، أَسْلَمَتْ وَمَاتَتْ مُسْلِمَةً. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَثِيرَ الطَّيِّبَ، وَكَانَ مِنْ حُفَّاظِ الصَّحَابَةِ، وَرَوَى عَنْ أَبَى بَكْرٍ وَعُمَرَ وأبى بن كعب، وأسامة بن زيد، ونضرة بن أبى نضرة، وَالْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. وَحَدَّثَ عَنْهُ خَلَائِقُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ مُرَتَّبِينَ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ فِي التكميل، كما ذكره شَيْخُنَا فِي تَهْذِيبِهِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَى عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ: كَانَ يَنْزِلُ الْمَدِينَةَ وَكَانَ إِسْلَامُهُ سَنَةَ خَيْبَرَ:
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَانَ بذي الحليفة له دَارٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ آدَمَ اللَّوْنِ، بَعِيدَ ما بين المنكبين، ذا طفرتين، أقرن الثَّنِيَّتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي خَلْدَةَ، خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمْتُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. «مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنْ دَوْسٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ فِي دَوْسٍ رَجُلًا فِيهِ خَيْرٌ» وَقَالَ الْزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ