الصَّحِيحَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَالْفِطَرِ الْقَوِيمَةِ غَيْرِ السَّقِيمَةِ فَهُوَ تعالى الخالق الرازق. وَكَمَا قَالَ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ 2: 21- 22 وَلَمَّا ذَكَرَ إِحْيَاءَ الْأَرْضِ بِالْمَطَرِ وَاهْتِزَازَهَا بِإِخْرَاجِ نَبَاتِهَا فِيهِ نَبَّهَ بِهِ عَلَى الْمَعَادِ فَقَالَ مِنْهَا أَيْ مِنَ الْأَرْضِ خَلَقْنَاكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى 20: 55 كما قال تعالى كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ 7: 29 وقال تعالى وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 30: 27 ثُمَّ قَالَ تَعَالَى وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى قَالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يَا مُوسى فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً. قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى 20: 56- 59 يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ شَقَاءِ فِرْعَوْنَ وَكَثْرَةِ جَهْلِهِ وَقِلَّةِ عَقْلِهِ فِي تَكْذِيبِهِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاسْتِكْبَارِهِ عَنِ اتِّبَاعِهَا وَقَوْلِهِ لِمُوسَى إِنَّ هَذَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ سِحْرٌ وَنَحْنُ نُعَارِضُكَ بِمِثْلِهِ ثُمَّ طَلَبَ مِنْ مُوسَى أَنَّ يُوَاعِدَهُ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَمَكَانٍ مَعْلُومٍ وَكَانَ هَذَا مِنْ أَكْبَرِ مَقَاصِدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُظْهِرَ آيَاتِ اللَّهِ وَحُجَجَهُ وَبَرَاهِينَهُ جَهْرَةً بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَلِهَذَا قال مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ 20: 59 وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ مِنْ أَعْيَادِهِمْ وَمُجْتَمَعٍ لَهُمْ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى 20: 59 أَيْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فِي وَقْتِ اشْتِدَادِ ضِيَاءِ الشَّمْسِ فَيَكُونُ الْحَقُّ أَظْهَرَ وَأَجْلَى وَلَمْ يَطْلُبْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَيْلًا فِي ظَلَامٍ كَيْمَا يُرَوِّجُ عَلَيْهِمْ مِحَالًا وَبَاطِلًا بَلْ طَلَبَ أَنْ يَكُونَ نَهَارًا جَهْرَةً لِأَنَّهُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَقِينٍ أَنَّ اللَّهَ سَيُظْهِرُ كَلِمَتَهُ وَدِينَهُ وَإِنْ رَغِمَتْ أُنُوفُ الْقِبْطِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى قَالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى. قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى 20: 60- 64 يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ أَنَّهُ ذَهَبَ فَجَمَعَ مَنْ كَانَ بِبِلَادِهِ مِنَ السَّحَرَةِ وَكَانَتْ بِلَادُ مِصْرَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَمْلُوءَةً سَحَرَةً فُضَلَاءَ فِي فَنِّهِمْ غَايَةٌ فَجَمَعُوا لَهُ مَنْ كُلِّ بَلَدٍ وَمِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَاجْتَمَعَ مِنْهُمْ خُلُقٌ كَثِيرٌ وَجَمُّ غَفِيرٌ فَقِيلَ كَانُوا ثَمَانِينَ أَلْفًا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَقِيلَ سَبْعِينَ أَلْفًا قاله القاسم بن أبى بردة. وَقَالَ السُّدِّيُّ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا. وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعِينَ غُلَامًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَرَهُمْ فِرْعَوْنُ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْعُرَفَاءِ فَيَتَعَلَّمُوا السِّحْرَ وَلِهَذَا قَالُوا وَمَا أكرهتنا عليه من السحر وَفِي هَذَا نَظَرٌ.

وَحَضَرَ فِرْعَوْنُ وَأُمَرَاؤُهُ وَأَهْلُ دَوْلَتِهِ وَأَهْلُ بَلَدِهِ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ. وَذَلِكَ أَنَّ فِرْعَوْنَ نَادَى فِيهِمْ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015