ابن هشام بن عبد الْمُطَّلِبِ الْقُرَشِيُّ، وَهُوَ الَّذِي صَارَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلّم فصرعه، وكان هذا من أشد الرجال، وكان غلب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ، وَقِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ فاللَّه أعلم.
ابن خلف بن وهب بن حذافة بن وَهَبٍ الْقُرَشِيُّ، أَحَدُ الرُّؤَسَاءِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ هَرَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الْفَتْحِ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ الَّذِي اسْتَأْمَنَ لَهُ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ. وَكَانَ صَاحِبُهُ وَصَدِيقُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدِمَ بِهِ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَاسْتَأْمَنَ لَهُ فَأَمَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَاسْتَعَارَ مِنْهُ أَدْرُعًا وَسِلَاحًا وَمَالًا. وَحَضَرَ صَفْوَانُ حُنَيْنًا مُشْرِكًا، ثُمَّ أَسْلَمَ وَدَخَلَ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، فَكَانَ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا كَانَ مِنْ سَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثم لم يزل مُقِيمًا بِمَكَّةَ حَتَّى تُوُفِّيَ بِهَا فِي أَوَّلِ خلافة معاوية.
ابن أبى طلحة بن عبد العزى بْنِ عَبْدِ الدَّارِ الْعَبْدَرِيُّ الْحَجَبِيُّ، أَسْلَمَ هُوَ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ قَبْلَ الْفَتْحِ. وَقَدْ رَوَى الْوَاقِدِيُّ حَدِيثًا طَوِيلًا عَنْهُ فِي صِفَةِ إِسْلَامِهِ، وهو الّذي أخذ منه رسول الله مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ عَامَ الْفَتْحِ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَتْلُو قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها 4: 58 وَقَالَ لَهُ: «خُذْهَا يَا عُثْمَانُ خَالِدَةً تَالِدَةً لا ينتزعها مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ» . وَكَانَ عَلِيٌّ قَدْ طَلَبَهَا فمنعه من ذَلِكَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: نَزَلَ الْمَدِينَةَ حَيَاةَ رَسُولِ الله، فَلَمَّا مَاتَ نَزَلَ بِمَكَّةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ.
كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الزُّهَّادِ، وَكَانَتْ لَهُ حُلَّةً بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ يَلْبَسُهَا إِذَا قَامَ إِلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ مَخَافَةَ الْخُيَلَاءِ، رَوَى عَنْ مُعَاذٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ: ثَنَا أَبُو اليمان ثنا ابن بَكْرٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَا: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى هَدَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَدْيِ عمرو بن الأسود.
ابن عَمْرِو بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَهِيَ أُخْتُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَحَدُ الْعَشَرَةِ، أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ وَكَانَتْ مِنْ حِسَانِ النِّسَاءِ وَعُبَّادِهِنَّ، تَزَوَّجَهَا عبيد اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَتَتَيَّمَ بِهَا، فَلَمَّا قتل في غزوة الطائف آلت أن لا تزوج بَعْدَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا- فَتَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا