أشجاع فأنت أشجع من ليث ... ضمر بن جَهْمٍ أَبِي أَشْبَالِ
أَجَوَادٌ فَأَنْتَ أَجْوَدُ مِنْ سيل ... دِيَاسٍ يَسِيلُ بَيْنَ الْجِبَالِ
فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هذه؟ فقيل له: أمّه. فقال: أمّه والا له ثلاثا. وهل قَامَتِ النِّسَاءُ عَنْ مِثْلِ خَالِدٍ. قَالَ: فَكَانَ عُمَرُ يَتَمَثَّلُ فِي طَيِّهِ تِلْكَ الثَّلَاثَ فِي لَيْلَةٍ وَفِي قُدُومِهِ.
تُبَكِّي مَا وَصَلْتَ بِهِ النَّدَامَى ... وَلَا تَبْكِي فَوَارِسَ كَالْجِبَالِ
أُولَئِكَ إِنْ بَكَيْتَ أَشَدُّ فَقْدًا ... مِنَ الْأَذْهَابِ وَالْعَكَرِ الْجَلَالِ
تَمَنَّى بَعْدَهُمْ قَوْمٌ مَدَاهُمْ ... فَلَمْ يَدْنُوا لَأَسْبَابِ الْكَمَالِ
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأُمِّ خالد: أخالدا أو أجره ترزئين؟ عزمت عليك أن لا تبيني حَتَّى تَسْوَدَّ يَدَاكِ مِنَ الْخِضَابِ. وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَقْتَضِي مَوْتَهُ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دُحَيْمٌ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنِ الْجُمْهُورِ وَهُمُ الْوَاقِدِيُّ، وَكَاتِبُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ القاسم ابن سَلَّامٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن نمير، وأبو عبد الله الْعُصْفُرِيُّ، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمْ، أَنَّهُ مَاتَ بِحِمْصَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. زَادَ الْوَاقِدِيُّ:
وَأَوْصَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَغَيْرِهِ قَالُوا: قَدِمَ خَالِدٌ الْمَدِينَةَ بَعْدَ مَا عَزَلَهُ عُمَرُ فَاعْتَمَرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الشَّامِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ عُمَرَ رَأَى حُجَّاجًا يُصَلُّونَ بِمَسْجِدِ قُبَاءَ فَقَالَ: أَيْنَ نَزَلْتُمْ بِالشَّامِ؟ قَالُوا: بِحِمْصَ، قَالَ: فَهَلْ مِنْ معرفة خَبَرٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. قَالَ: فَاسْتَرْجَعَ عُمَرُ وَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ سَدَّادًا لِنُحُورِ الْعَدُوِّ، مَيْمُونَ النَّقِيبَةِ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: فَلِمَ عَزَلْتَهُ؟ قَالَ: لِبَذْلِهِ الْمَالَ لِذَوِي الشَّرَفِ وَاللِّسَانِ.
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعَلِيٍّ: نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن أبى خالد، سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ يَقُولُ: لَمَّا مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ عُمَرُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا سُلَيْمَانَ، لَقَدْ كُنَّا نَظُنُّ بِهِ أُمُورًا مَا كَانَتْ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ خَالِدٌ لَمْ يُوجَدْ لَهُ إلا فرسه وغلامه وسلاحه، وقال القاضي المعافى بن زكريا الحريري: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْعَسْكَرِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن حمزة اللخمي ثنا أبو على الحرنازى قَالَ: دَخَلَ هِشَامُ بْنُ الْبَخْتَرِيِّ فِي نَاسٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ: يَا هِشَامُ أَنْشِدْنِي شِعْرَكَ فِي خَالِدٍ. فَأَنْشَدُهُ فَقَالَ: قَصَّرْتَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، إِنَّهُ كَانَ لِيُحِبُّ أَنْ يُذِلَّ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّامِتُ بِهِ لَمُتَعَرِّضًا لِمَقْتِ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ قَاتَلَ اللَّهُ أَخَا بَنِي تَمِيمٍ مَا أَشْعَرَهُ.