وقيل إنها توفيت بعده عليه السلام بِشَهْرَيْنِ، وَقِيلَ بِسَبْعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ بِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، وَالصَّحِيحُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ عَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَدُفِنَتْ لَيْلًا، وَيُقَالُ إِنَّهَا لَمْ تضحك في مدة بقائها بعده عليه السلام، وأنها كانت تَذُوبُ مِنْ حُزْنِهَا عَلَيْهِ، وَشَوْقِهَا إِلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ سِنِّهَا يَوْمَئِذٍ فَقِيلَ سَبْعٌ وَقِيلَ ثَمَانٍ وَقِيلَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، وَقِيلَ ثَلَاثُونَ، وَقِيلَ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَهَذَا بَعِيدٌ وَمَا قَبْلَهُ أَقْرَبُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ سُتِرَ سَرِيرُهَا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصحيح أن عليا كان له فرجة مِنَ النَّاسِ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا مَاتَتِ الْتَمَسَ مُبَايَعَةَ الصِّدِّيقِ فَبَايَعَهُ كَمَا هُوَ مَرْوِيٌّ فِي الْبُخَارِيِّ، وَهَذِهِ الْبَيْعَةُ لِإِزَالَةِ مَا كَانَ وَقَعَ مِنْ وَحْشَةٍ حَصَلَتْ بِسَبَبِ الْمِيرَاثِ وَلَا يَنْفِي مَا ثَبَتَ مِنَ الْبَيْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهَا كَمَا قَرَّرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أُمُّ أَيْمَنَ
بَرَكَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُصَيْنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ النُّعْمَانِ مُوَلَّاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ مِنْ أُمِّهِ، وَحَضَنَتْهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ شَرِبَتْ بُولَهُ فَقَالَ لَهَا:
لقد احتضرت بحضار مِنَ النَّارِ، وَقَدْ أَعْتَقَهَا وَزَوَّجَهَا عُبَيْدًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ ابْنَهَا أَيْمَنَ فَعُرِفَتْ بِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا زيد بن حارثة، مولى رسول الله، فَوَلَدَتْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَقَدْ هَاجَرَتِ الْهِجْرَتَيْنِ إِلَى الْحَبَشَةِ وَالْمَدِينَةِ وَكَانَتْ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَكَانَ عليه السلام يَزُورُهَا فِي بَيْتِهَا وَيَقُولُ: هِيَ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي، وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَزُورَانِهَا فِي بَيْتِهَا، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ الموالي وقد توفيت بعده عليه السلام بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ.
ابن عَدِيِّ بْنِ الْعَجْلَانِ الْبَلَوِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا، وَكَانَ مِمَّنْ حَضَرَ مُؤْتَةَ، فَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ دُفِعَتِ الرَّايَةُ إِلَيْهِ فَسَلَّمَهَا لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِالْقِتَالِ مِنِّي، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّ قَتَلَهُ وَقَتَلَ مَعَهُ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ طُلَيْحَةُ:
عَشِيَّةَ غَادَرْتُ ابْنَ أَقْرَمَ ثَاوِيًا ... وَعُكَّاشَةَ الْغَنْمِيَّ تَحْتَ مَجَالِ
وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَقِيلَ سَنَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ، وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قُتِلَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا غَرِيبٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ خَطِيبُ الْأَنْصَارِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا خَطِيبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ عنه عليه السلام أنه بَشَّرَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا، وَكَانَتْ رَايَةُ الْأَنْصَارِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِهِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ