ذكرنا فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَوَجَدَ الْأَصْنَامَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً، 17: 81 قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ جَعَلَ لَا يُشِيرُ إِلَى صَنَمٍ مِنْهَا إِلَّا خَرَّ لِقَفَاهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِلَّا سَقَطَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى اللَّخْمِيُّ، قالا: ثنا بشر بن بكير، أَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بقرام فَهَتَكَهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ، قَالَ الأوزاعي: وقالت عائشة: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتُرْسٍ فِيهِ تِمْثَالُ عُقَابٍ فَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَهُ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ، ثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حَفْصٍ هُوَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ عَمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ وَأَنَّ الْأَنْصَارَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نَسْنِي عَلَيْهِ وَأَنَّهُ اسْتَصْعَبَ عَلَيْنَا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا، فَقَامُوا فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَتِهِ، فَمَشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلْبِ وَإِنَّا نخاف عليك صولته، فقال: لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ، فَلَمَّا نَظَّرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلُ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ، حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك، ونحن أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ، فَقَالَ:
لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبِشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رأسه قرحة تتفجر بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحِسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ بعضه من حديث خلف ابن خَلِيفَةَ بِهِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلَامٍ سمعته من أبى مرتين، ثَنَا الْأَجْلَحُ عَنِ الذَّيَّالِ بْنِ