كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ إِنْ شاء الله وَبِهِ الثِّقَةُ.

وَمِنْهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ الْأُمَوِيُّ. أَسْلَمَ بَعْدَ أَخَوَيْهِ خَالِدٍ وَعَمْرٍو، وَكَانَ إِسْلَامُهُ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَجَارَ عُثْمَانَ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وقيل خيبر لأن له ذكر فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِسْمَةِ غَنَائِمِ خَيْبَرَ، وَكَانَ سَبَبُ إِسْلَامِهِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِرَاهِبٍ وَهُوَ فِي تِجَارَةٍ بِالشَّامِ فَذَكَرَ لَهُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ، قَالَ فَأَنَا أَنْعَتُهُ لَكَ، فَوَصَفَهُ بِصِفَتِهِ سَوَاءً وَقَالَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ فَأَقْرِئْهُ السَّلَامَ. فَأَسْلَمَ بَعْدَ مَرْجِعِهِ وَهُوَ أَخُو عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ الَّذِي قَتَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ كَتَبَ الْوَحْيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ كَتَبَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَكَتَبَ لَهُ عُثْمَانُ وَخَالِدُ بن سعيد وأبان ابن سعيد. هكذا قال- يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ- وَإِلَّا فَالسُّوَرُ الْمَكِّيَّةُ لَمْ يَكُنْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ حَالَ نُزُولِهَا، وَقَدْ كَتَبَهَا الصَّحَابَةُ بِمَكَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وَفَاةِ أَبَانِ بْنِ سَعِيدٍ هَذَا فَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ النَّسَبِ قُتِلَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ، يَعْنِي فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ قُتِلَ يَوْمَ مَرَجِ الصُّفَّرِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قُتِلَ هُوَ وَأَخُوهُ عَمْرٌو يَوْمَ [الْيَرْمُوكِ لِخَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ. وَقِيلَ إنه تأخر إلى أيام عثمان وكان يملى المصحف] الامام عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ سَنَةَ تسع وعشرين فاللَّه أعلم.

ومنهم أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدٍ الْخَزْرَجِيُّ الْأَنْصَارِيُّ. أَبُو الْمُنْذِرِ، وَيُقَالُ أَبُو الطُّفَيْلِ، سَيِّدُ الْقُرَّاءِ شَهِدَ الْعَقَبَةَ الثَّانِيَةَ وَبَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا. وَكَانَ رَبْعَةً نَحِيفًا أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ لَا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ. قَالَ أَنَسٌ: جَمَعَ الْقُرْآنَ أَرْبَعَةٌ- يَعْنِي مِنَ الْأَنْصَارِ- أُبَيُّ بْنُ كَعْبٌ، ومعاذ بن جبل، وزيد ابن ثَابِتٍ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو يزيد أَخْرَجَاهُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأبي «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ» قَالَ وَسَمَّانِي لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ «نَعَمْ» قَالَ فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ. وَمَعْنَى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ قِرَاءَةَ إِبْلَاغٍ وَإِسْمَاعٍ لَا قِرَاءَةَ تَعَلُّمٍ مِنْهُ، هَذَا لَا يَفْهَمُهُ أُحُدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى هَذَا لِئَلَّا يُعْتَقَدَ خِلَافُهُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ سَبَبَ القراءة عليه وأنه قَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ من الله يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ 98: 1- 3 وَذَلِكَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ قَدْ أَنْكَرَ عَلَى رَجُلٍ قِرَاءَةَ سُورَةٍ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ يَقْرَأُ أُبَيٌّ، فَرَفَعَهُ أُبَيٌّ إِلَى رسول الله فَقَالَ: «اقْرَأْ يَا أُبَيُّ» فَقَرَأَ فَقَالَ:

«هَكَذَا أُنْزِلَتْ» ثُمَّ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ «اقْرَأْ» فَقَرَأَ فَقَالَ «هَكَذَا أُنْزِلَتْ» قَالَ أُبَيٌّ: فَأَخَذَنِي مِنَ الشَّكِّ وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ فضرب رسول الله في صدري ففضضت عَرَقًا وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015