ما أنا بمخبرك، سماني رسول الله سَفِينَةَ. قُلْتُ وَلِمَ سَمَّاكَ سَفِينَةَ؟ قَالَ خَرَجَ رسول الله وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ مَتَاعُهُمْ فَقَالَ لِي «أبسط كساك» فَبَسَطْتُهُ، فَجَعَلُوا فِيهِ مَتَاعَهُمْ ثُمَّ حَمَلُوهُ عَلَيَّ، فقال لي رسول الله «احْمِلْ فَإِنَّمَا أَنْتِ سَفِينَةُ» فَلَوْ حَمَلْتُ يَوْمَئِذٍ وِقْرَ بَعِيرٍ أَوْ بَعِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ ما ثقل على، إلا أن يحفوا [1] . وهذا الحديث عن أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ. وَلَفَظُهُ عِنْدَهُمْ «خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا» وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا بَهْزٌ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ عَنْ سَفِينَةَ. قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ، فَكَانَ كُلَّمَا أَعْيَا رَجُلٌ أَلْقَى عَلَيَّ ثِيَابَهُ، تُرْسًا أَوْ سَيْفًا حَتَّى حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنْتَ سَفِينَةُ» هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي تَسْمِيَتِهِ سَفِينَةَ: وَقَدْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ ثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الزَّهْرَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ قَالَا: ثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ عَنْ عِمْرَانَ الْبَجَلِيِّ عَنْ مَوْلًى لِأُمِّ سلمة. قال: كنا مع رسول الله فَمَرَرْنَا بِوَادٍ- أَوْ نَهَرٍ- فَكُنْتُ أُعَبِّرُ النَّاسَ، فقال لي رسول الله «مَا كُنْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ إِلَّا سَفِينَةَ» وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَسْوَدَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ شَرِيكٍ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: رَكِبْتُ الْبَحْرَ فِي سَفِينَةٍ فَكُسِرَتْ بِنَا، فَرَكِبْتُ لَوْحًا مِنْهَا فَطَرَحَنِي فِي جَزِيرَةٍ فِيهَا أَسَدٌ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا بِهِ، فَقُلْتُ يَا أَبَا الْحَارِثِ أَنَا مَوْلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَغْمِزُنِي بِمَنْكِبِهِ حَتَّى أَقَامَنِي عَلَى الطَّرِيقِ، ثُمَّ هَمْهَمَ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ السَّلَامُ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْهُ. وَرَوَاهُ أيضا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيِّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ. قَالَ قَالَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ سَفِينَةَ فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ أَيْضًا حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو رَيْحَانَةَ عن سفينة مولى رسول الله قَالَ: لَقِيَنِي الْأَسَدُ فَقُلْتُ أَنَا سَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَضَرَبَ بِذَنَبِهِ الْأَرْضَ وَقَعَدَ. وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّهُ كَانَ يَسْكُنُ بَطْنَ نَخْلَةَ، وَأَنَّهُ تَأَخَّرَ إِلَى أَيَّامِ الْحَجَّاجِ.
وَمِنْهُمْ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْإِسْلَامِ، أَصْلُهُ مِنْ فَارِسَ وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ إِلَى أَنْ صَارَ لِرَجُلٍ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَسْلَمَ سَلْمَانُ وَأَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَاتَبَ سَيِّدَهُ الْيَهُودِيَّ، وَأَعَانَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ فَنُسِبَ إِلَيْهِ وَقَالَ «سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ» . وَقَدْ قَدَّمْنَا صِفَةَ هِجْرَتِهِ مِنْ بَلَدِهِ وَصُحْبَتَهُ لِأُولَئِكَ الرُّهْبَانِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى آلَ بِهِ الْحَالُ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَذِكْرَ صِفَةِ إِسْلَامِهِ رَضِيَ اللَّهُ عنه في أوائل الهجرة