وَلَا عَلَيْنَا عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ فَانْجَابَتِ السَّمَاءُ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثوب» .
قال الواقدي: إنهم قدموا سنة تسع عند مَرْجِعَهُ مِنْ تَبُوكَ وَكَانُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا منهم الحارث ابن عوف، فأجازهم عليه السلام بِعَشْرِ أَوَاقٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَعْطَى الْحَارِثَ بْنَ عَوْفٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَذَكَرُوا أَنَّ بِلَادَهُمْ مُجْدِبَةٌ فَدَعَا لَهُمْ. فَقَالَ: «اللَّهمّ اسْقِهِمُ الْغَيْثَ» . فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ وَجَدُوهَا قَدْ مَطَرَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي دَعَا لَهُمْ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفْدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِعْرَانَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ، قَدِمْنَا عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ فَقُلْنَا نَحْنُ رُسُلُ مَنْ خَلْفَنَا مِنْ قَوْمِنَا وَهُمْ يُقِرُّونَ بِالْإِسْلَامِ، فَأَمَرَ لَنَا بِضِيَافَةٍ وَأَقَمْنَا أَيَّامًا ثُمَّ جِئْنَاهُ لِنُوَدِّعَهُ فَقَالَ لِبِلَالٍ أَجْزِهِمْ كَمَا تُجِيزُ الوفد فجاء ببقر مِنْ فِضَّةٍ فَأَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا خَمْسَ أَوَاقٍ وَقَالَ لَيْسَ عِنْدَنَا دَرَاهِمُ وَانْصَرَفْنَا إِلَى بلادنا.
وفادة بَنِي مُحَارِبٍ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ. قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ مُحَارِبٍ سَنَةَ عَشْرٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُمْ عَشَرَةُ نَفَرٍ فِيهِمْ سَوَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، وَابْنُهُ خُزَيْمَةُ بْنُ سَوَاءٍ فَأُنْزِلُوا دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَكَانَ بِلَالٌ يَأْتِيهِمْ بِغَدَاءٍ وَعَشَاءٍ فَأَسْلَمُوا وَقَالُوا نَحْنُ عَلَى مَنْ وَرَاءَنَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي تِلْكَ الْمَوَاسِمِ أَفَظَّ وَلَا أغلظ على رسول الله مِنْهُمْ، وَكَانَ فِي الْوَفْدِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَعَرَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْحَمْدُ للَّه الَّذِي أَبْقَانِي حَتَّى صَدَّقْتُ بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ بِيَدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ومسح رسول الله وجه خزيمة بن سواء فصارت غُرَّةٌ بَيْضَاءُ وَأَجَازَهُمْ كَمَا يُجِيزُ الْوَفْدَ وَانْصَرَفُوا إِلَى بِلَادِهِمْ.
وَفْدُ بَنِي كِلَابٍ
ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَّهُمْ قَدِمُوا سَنَةَ تِسْعٍ وَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مِنْهُمْ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الشَّاعِرُ، وَجَبَّارُ بْنُ سُلْمَى وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَعْبِ بْنِ مالك خلة فرحب وَأَكْرَمَهُ وَأَهْدَى إِلَيْهِ، وَجَاءُوا مَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِسَلَامِ الْإِسْلَامِ وَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ سُفْيَانَ الْكِلَابِيَّ سَارَ فِيهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِهَا وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَاسْتَجَابُوا لَهُ وَأَخَذَ صَدَقَاتِهِمْ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فصرفها على فقرائهم.