وَاللَّهُ يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ. فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نيار. فقال: يا رسول الله تحب مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ [1] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا بِحُسْنِ الْخُلُقِ» . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الْمَتْنِ غَرِيبُ الْإِسْنَادِ جِدًّا عَزِيزُ الْمَخْرَجِ وقد ذكرنا ترجمة حاتم طيِّئ أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ ذِكْرِنَا مَنْ مَاتَ مِنْ أَعْيَانِ الْمَشْهُورِينَ فِيهَا وَمَا كَانَ يُسْدِيهِ حَاتِمٌ إِلَى النَّاسِ مِنَ الْمَكَارِمِ وَالْإِحْسَانِ إِلَّا أَنَّ نَفْعَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ مَعْذُوقٌ بِالْإِيمَانِ [2] وَهُوَ مِمَّنْ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ.

وَقَدْ زَعَمَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبً فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ إِلَى بِلَادِ طيِّئ فَجَاءَ مَعَهُ بِسَبَايَا فِيهِمْ أُخْتُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَجَاءَ مَعَهُ بِسَيْفَيْنِ كَانَا فِي بَيْتِ الصَّنَمِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا الرَّسُوبُ وَالْآخَرُ الْمِخْذَمُ كان الحارث بن أبى سمر [3] قَدْ نَذَرَهُمَا لِذَلِكَ الصَّنَمِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:

قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ- هو عبد الله بن زياد-[4] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إن دوسا قد هلكت وعصت وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهمّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ» . انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ:

يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا من دارة الكفر نجت

وأبق لي غلام فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتُهُ فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلَامُ فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلَامُكَ فَقُلْتُ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَعْتَقْتُهُ انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ قُدُومِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فَقَدْ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ثُمَّ إِنْ قُدِّرَ قُدُومُهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَقَدْ كَانَ قَبْلَ الْفَتْحِ لِأَنَّ دَوْسًا قَدِمُوا وَمَعَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَكَانَ قُدُومُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَاصِرٌ خَيْبَرَ ثُمَّ ارْتَحَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَرَضَخَ لَهُمْ شَيْئًا مِنَ الْغَنِيمَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ مُطَوَّلًا فِي مواضعه.

قال البخاري رحمه الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015