وإسلامه وإسلام قومه كما ذكرنا مبسوطا بما أغنى عن إعادته ها هنا وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ طيِّئ وَفِيهِمْ زَيْدُ الْخَيْلِ وَهُوَ سَيِّدُهُمْ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِ كَلَّمُوهُ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمُوا فَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا «حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ مِنْ رِجَالِ طيِّئ ما ذكر رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بِفَضْلٍ ثُمَّ جَاءَنِي إِلَّا رَأَيْتُهُ دُونَ مَا يُقَالُ فِيهِ إِلَّا زَيْدَ الخيل فإنه لم يبلغ الَّذِي فِيهِ ثُمَّ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ الْخَيْرِ وَقَطَعَ لَهُ فَيْدَ وَأَرَضِينَ مَعَهُ وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنْ يَنْجُ زَيْدٌ مِنْ حُمَّى الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ قَالَ» وَقَدْ سَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمٍ غَيْرِ الْحُمَّى وَغَيْرِ أُمِّ مَلْدَمٍ- لَمْ يُثْبِتْهُ- قَالَ فَلَمَّا انْتَهَى مِنْ بَلَدِ نَجْدٍ إِلَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِهِ يُقَالُ لَهُ فَرْدَةُ أَصَابَتْهُ الْحُمَّى فَمَاتَ بِهَا وَلَمَّا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ قَالَ:
أَمُرْتَحِلٌ قَوْمِي الْمَشَارِقَ غُدْوَةً ... وَأَتْرُكُ فِي بَيْتٍ بِفَرْدَةَ مُنْجِدِ
أَلَا رُبَّ يَوْمٍ لَوْ مَرِضْتُ لَعَادَنِي ... عَوَائِدُ مَنْ لَمْ يُبْرَ مِنْهُنَّ يَجْهَدِ [1]
قَالَ وَلَمَّا مَاتَ عَمَدَتِ امْرَأَتُهُ بِجَهْلِهَا وَقِلَّةِ عقلها ودينا إِلَى مَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الْكُتُبِ فَحَرَقَتْهَا بالنار.
قلت: وقد ثبت في الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اليمن بذهبية فِي تُرْبَتِهَا فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ زَيْدِ الْخَيْلِ، وَعَلْقَمَةَ بن علاثة، والأقرع ابن حابس، وعتبة بْنِ بَدْرٍ الْحَدِيثَ. وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي بَعْثِ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي الصَّحِيحِ وَفْدُ طيِّئ وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي وَفْدٍ فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلًا رَجُلًا يُسَمِّيهِمْ. فَقُلْتُ: أَمَا تَعْرِفُنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ بَلَى أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غدروا، وعرفت إذ نكروا. فَقَالَ عَدِيٌّ: لَا أُبَالِي إِذًا، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَمَّا عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فَكَانَ يَقُولُ فِيمَا بَلَغَنِي مَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ كَانَ أَشَدَّ كَرَاهَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ بِهِ مِنِّي أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ امْرَأً شَرِيفًا وَكُنْتُ نَصْرَانِيًّا وَكُنْتُ أَسِيرُ في قومي بالمرباع