البيهقي ها هنا حَدِيثَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ المازني حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ لَهُمُ الْحُمْلَانَ إِذْ هُمْ مَعَهُ فِي جيش العسرة غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَصْحَابِي أَرْسَلُونِي إِلَيْكَ لِتَحْمِلَهُمْ، فَقَالَ «وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَيْءٍ» وَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ وَلَا أَشْعُرُ، فَرَجَعْتُ حَزِينًا مِنْ مَنْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يكون رسول الله قَدْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ عَلَيَّ فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَأَخْبَرْتُهُمْ بِالَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا سُوَيْعَةً إِذْ سَمِعْتُ بِلَالًا يُنَادِي أَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ؟ فَأَجَبْتُهُ فَقَالَ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكَ فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «خذ هذين القربتين وهذين القربتين وهذين القربتين» لِسِتَّةِ أَبْعِرَةٍ ابْتَاعَهُنَّ حِينَئِذٍ مِنْ سَعْدٍ فَقَالَ «انْطَلِقْ بِهِنَّ إِلَى أَصْحَابِكَ فَقُلْ إِنَّ اللَّهَ أو إن رسول الله يحملكم على هؤلاء» فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا أَدَعُكُمْ حَتَّى يَنْطَلِقَ مَعِي بَعْضُكُمْ إِلَى مَنْ سمع مقالة رسول الله حِينَ سَأَلْتُهُ لَكُمْ وَمَنْعَهُ لِي فِي أَوَّلِ مرة ثم إعطائه إِيَّايَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَظُنُّوا أَنِّي حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ، فَقَالُوا لِي وَاللَّهِ إِنَّكَ عِنْدَنَا لَمُصَدَّقٌ وَلَنَفْعَلَنَّ مَا أَحْبَبْتَ، قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو مُوسَى بِنَفَرٍ مِنْهُمْ حَتَّى أَتَوُا الَّذِينَ سَمِعُوا مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنْعِهِ إِيَّاهُمْ ثُمَّ إِعْطَائِهِ بَعْدُ فَحَدَّثُوهُمْ بِمَا حَدَّثَهُمْ بِهِ أَبُو مُوسَى سَوَاءً. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ لِيَحْمِلَنَا «فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ» قَالَ ثُمَّ جِيءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبِ إِبِلٍ فَأَمَرَ لَنَا بِسِتِّ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى فَأَخَذْنَاهَا ثم قلنا يعقلنا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ وَاللَّهِ لَا يُبَارَكُ لَنَا، فَرَجَعْنَا لَهُ فَقَالَ «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ» ثُمَّ قَالَ «إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا» . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ نَفَرٌ مِنِ الْمُسْلِمِينَ أبطأت بهم الغيبة حَتَّى تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا ارْتِيَابٍ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي كَعْبٍ أَخُو بَنِي سَلِمَةَ، وَمُرَارَةُ بْنُ رَبِيعٍ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ أَخُو بَنِي وَاقِفٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانُوا نَفَرَ صِدْقٍ لَا يُتَّهَمُونَ فِي إِسْلَامِهِمْ.
قُلْتُ: أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَسَتَأْتِي قِصَّتُهُمْ مَبْسُوطَةً قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ 9: 118 وَأَمَّا أَبُو خَيْثَمَةَ فَإِنَّهُ عَادَ وَعَزَمَ عَلَى اللُّحُوقِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي.