ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا اغْتَسَلَ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَتَوَشَّحَ بِهِ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مِنَ الضُّحَى ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيَّ فَقَالَ «مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِأُمِّ هَانِئٍ مَا جَاءَ بِكِ؟» فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ الرَّجُلَيْنِ وَخَبَرَ عَلِيٍّ، فَقَالَ «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ فَلَا يَقْتُلُهُمَا» وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرَ أم هانئ فإنها ذكرت يوم فتح مكة [أن النبي صلّى الله عليه وسلّم] اغتسل في بيتها ثم صلّى ثمان رَكَعَاتٍ، قَالَتْ وَلَمْ أَرَهُ صَلَّى صَلَاةً أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ فَرَّ إِلَيْهَا رَجُلَانِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَأَجَارَتْهُمَا، قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ فَقَالَ أَقْتُلُهُمَا، فَلَمَّا سَمِعْتُهُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بأعلى مكة فلما رآني وَقَالَ «مَا جَاءَ بِكِ؟» قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُنْتُ أَمَّنْتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَحْمَائِي فَأَرَادَ عَلِيٌّ قَتْلَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غُسْلِهِ فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبًا فَالْتَحَفَ بِهِ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ، فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ قَالَ «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ» قَالَتْ يَا رسول الله زعم ابن أم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَاتِلُ رَجُلَيْنِ قَدْ أَجَرْتُهُمَا؟ فَقَالَ «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» قَالَتْ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ وَذَلِكَ ضُحًى فَظَنَّ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ صَلَاةَ الضُّحَى. وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَتْ هَذِهِ صَلَاةُ الْفَتْحِ وَجَاءَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى السُّهَيْلِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ صَلَاةَ الْفَتْحِ تَكُونُ ثَمَانِيًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ صَلَّى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَ فَتْحِ الْمَدَائِنِ فِي إِيوَانِ كِسْرَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وللَّه الْحَمْدُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نَزَلَ بِمَكَّةَ وَاطْمَأَنَّ النَّاسُ، خَرَجَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ فِي يَدِهِ، [فَلَمَّا قَضَى طَوَافَهُ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَأَخَذَ مِنْهُ مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ فَفُتِحَتْ لَهُ فَدَخَلَهَا فَوَجَدَ فِيهَا حَمَامَةً مِنْ عِيدَانٍ فَكَسَرَهَا بِيَدِهِ ثُمَّ طَرَحَهَا، ثُمَّ وَقَفَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَقَدِ اسْتَكَفَّ لَهُ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ] [1] وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى زَمْزَمَ فَاطَّلَعَ فِيهَا وَدَعَا بِمَاءٍ فَشَرِبَ مِنْهَا وَتَوَضَّأَ وَالنَّاسُ يَبْتَدِرُونَ وَضُوءَهُ وَالْمُشْرِكُونَ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ مَا رَأَيْنَا مَلِكًا قَطُّ وَلَا سَمِعْنَا بِهِ- يَعْنِي مِثْلَ هَذَا- وَأَخَّرَ الْمَقَامَ إِلَى مَقَامِهِ الْيَوْمَ وَكَانَ مُلْصَقًا بِالْبَيْتِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ