قُلْتُ: وَكَانَ فِي جُمْلَةِ الْهَدِيَّةِ غُلَامٌ أَسْوَدُ خصى اسمه مابور وخفين ساذجين أسودين وَبَغْلَةٌ بَيْضَاءُ اسْمُهَا الدُّلْدُلُ، وَكَانَ مَأْبُورُ هَذَا خَصِيًّا وَلَمْ يَعْلَمُوا بِأَمْرِهِ بَادِيَ الْأَمْرِ فَصَارَ يَدْخُلُ عَلَى مَارِيَةَ كَمَا كَانَ مِنْ عَادَاتِهِمْ بِبِلَادِ مِصْرَ، فَجَعَلَ بَعْضُ النَّاسِ يَتَكَلَّمُ فِيهِمَا بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلَا يَعْلَمُونَ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ وَأَنَّهُ خَصِيٌّ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ الَّذِي أَمَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِقَتْلِهِ فَوَجَدَهُ خَصِيًّا فَتَرَكَهُ والحديث في صحيح مسلم من طريق ... [1] قال ابن إسحاق: وبعث سَلِيطَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ أَخَا بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ وَبَعَثَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى جَيْفَرِ بْنِ الْجُلُنْدَى وَعَمَّارِ بْنِ الْجُلُنْدَى الْأَزْدِيَّيْنِ صَاحِبَيْ عُمَانَ
[2] .
ذَكَرَهَا الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ هَاهُنَا قَبْلَ غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَسَاقَ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى ذَاتِ السَّلَاسِلِ مِنْ مَشَارِفِ الشَّامِ فِي بَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَمَنْ يَلِيهِمْ مِنْ قُضَاعَةَ. قَالَ عُرْوَةُ بن الزبير وبنو بَلِيٍّ أَخْوَالُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى هُنَاكَ خَافَ مِنْ كَثْرَةِ عَدُوِّهِ فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِدُّهُ، فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ فَانْتَدَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ سَرَاةِ الْمُهَاجِرِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عَمْرٍو قَالَ أَنَا أَمِيرُكُمْ وَأَنَا أَرْسَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَمِدُّهُ بِكُمْ، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ بَلْ أَنْتَ أَمِيرُ أَصْحَابِكَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ أَمِيرُ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ عَمْرٌو إِنَّمَا أَنْتُمْ مَدَدٌ أُمْدِدْتُهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عبيدة- وكان رجل حَسَنَ الْخُلُقِ لَيِّنَ الشِّيمَةِ- قَالَ:
تَعَلَّمْ يَا عَمْرُو أَنَّ آخِرَ مَا عَهِدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: «إِذَا قَدِمْتَ عَلَى صَاحِبِكَ فَتَطَاوَعَا» وَإِنَّكَ إِنْ عَصَيْتَنِي لَأُطِيعَنَّكَ. فَسَلَّمَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْإِمَارَةَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي محمد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَسْتَنْفِرُ الْعَرَبَ إِلَى الْإِسْلَامِ [3] وَذَلِكَ أَنَّ أُمَّ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ كَانَتْ مِنْ بَنِي بَلِيٍّ فَبَعَثَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ يتألفهم بِذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى مَاءٍ بِأَرْضِ جُذَامَ يُقَالُ لَهُ السَّلَاسِلُ- وَبِهِ سُمِّيَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ ذَاتَ السَّلَاسِلِ- قَالَ فَلَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَخَافَ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِدُّهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبَا عُبَيْدَةَ بن الجراح