فَصَارَ مَعِ الْمُسْتَشْهِدِينَ ثَوَابُهُ ... جِنَانٌ وَمُلْتَفُّ الْحَدَائِقِ أَخْضَرُ
وَكُنَّا نَرَى فِي جَعْفَرٍ مِنْ مُحَمَّدٍ ... وَفَاءً وَأَمْرًا حَازِمًا حِينَ يَأْمُرُ
وَمَا زَالَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... دَعَائِمُ عِزٍّ لا يزلن ومفخر
هموا جَبَلُ الْإِسْلَامِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُمْ ... رِضَامٌ إِلَى طَوْدٍ يروق ويبهر
بِهَالِيلُ مِنْهُمْ جَعْفَرٌ وَابْنُ أُمِّهِ ... عَلِيٌّ وَمِنْهُمْ أحمد المتخير
وحمزة والعباس منهم ومنهمو ... عَقِيلٌ وَمَاءُ الْعُودِ مِنْ حَيْثُ يُعْصَرُ
بِهِمْ تُفْرَجُ اللَّأْوَاءُ فِي كُلِّ مَأْزِقٍ ... عَمَاسٍ [1] إِذَا مَا ضَاقَ بِالنَّاسِ مَصْدَرُ
هُمُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ أَنْزَلَ حُكْمَهُ ... عَلَيْهِمْ وَفِيهِمْ ذَا الْكِتَابُ الْمُطَهَّرُ
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
نَامَ الْعُيُونُ وَدَمْعُ عَيْنِكَ يَهْمُلُ ... سَحًّا كَمَا وَكَفَ الطِّبَابُ الْمُخْضِلُ [2]
فِي لَيْلَةٍ وَرَدَتْ عَلَيَّ همومها ... طورا أخن وتارة أتمهل [3]
وَاعَتَادَنِي حُزْنٌ فَبِتُّ كَأَنَّنِي ... بِبَنَاتِ نَعْشٍ وَالسِّمَاكِ مُوَكَّلُ
وَكَأَنَّمَا بَيْنَ الْجَوَانِحِ وَالْحَشَا ... مِمَّا تَأَوَّبَنِي شِهَابٌ مُدْخَلُ
وَجْدًا عَلَى النَّفَرِ الَّذِينَ تَتَابَعُوا ... يَوْمًا بِمُؤْتَةَ أُسْنِدُوا لَمْ يُنْقَلُوا
صَلَّى الْإِلَهُ عَلَيْهُمُ مِنْ فِتْيَةٍ ... وَسَقَى عِظَامَهُمُ الْغَمَامُ الْمُسْبِلُ
صَبَرُوا بِمُؤْتَةَ لِلْإِلَهِ نُفُوسَهُمْ ... حَذَرَ الرَّدَى وَمَخَافَةً أَنْ يَنْكُلُوا
فَمَضَوْا أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ كَأَنَّهُمْ ... فُنُقٌ عَلَيْهِنَّ الْحَدِيدُ الْمُرْفَلُ
إِذْ يَهْتَدُونَ بِجَعْفَرٍ وَلِوَائِهِ ... قُدَّامَ أَوَّلِهِمْ فَنِعْمَ الْأَوَّلُ
حَتَّى تَفَرَّجَتِ الصُّفُوفُ وَجَعْفَرٌ ... حَيْثُ الْتَقَى وَعْثُ الصُّفُوفِ مُجَدَّلُ
فَتَغَيَّرَ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ لِفَقْدِهِ ... وَالشَّمْسُ قَدْ كَسَفَتْ وَكَادَتْ تأفل
قرم على بُنْيَانُهُ مِنْ هَاشِمٍ ... فَرْعًا أَشَمَّ وَسُؤْدَدًا مَا يُنْقَلُ
قَوْمٌ بِهِمْ عَصَمَ الِإِلَهُ عِبَادَهُ ... وَعَلَيْهِمُ منزل الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ
فَضَلُوا الْمَعَاشِرَ عِزَّةً وَتَكُرُّمَا ... وَتَغَمَّدَتْ أَحْلَامَهُمْ مَنْ يَجْهَلُ
لَا يُطْلِقُونَ إِلَى السَّفَاهِ حباهموا ... وترى خطيبهم بحق يفصل