الَّذِي لِلْمَلِكِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ 27: 23. وَلَيْسَ هُوَ فَلَكًا وَلَا تَفْهَمُ مِنْهُ الْعَرَبُ ذَلِكَ. وَالْقُرْآنُ إِنَّمَا نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ فَهُوَ سَرِيرٌ ذُو قَوَائِمَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَهُوَ كَالْقُبَّةِ عَلَى الْعَالَمِ وَهُوَ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمن حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا 40: 7 وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْأَوْعَالِ أَنَّهُمْ ثَمَانِيَةٌ، وَفَوْقَ ظُهُورِهِنَّ الْعَرْشُ، وَقَالَ تَعَالَى وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ 69: 17 وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ «حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ سُبْحَانَكَ اللَّهمّ وَبِحَمْدِكَ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ» وَأَرْبَعَةٌ يَقُولُونَ «سُبْحَانَكَ اللَّهمّ وَبِحَمْدِكَ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ» فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ أَبُو بَكْرِ ابن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عن يعقوب بن عقبة عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَّقَ أُمَيَّةَ يعنى ابن أبى الصلت في بيتين مِنْ شِعْرِهِ فَقَالَ
رُجُلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ ... وَالنِّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ. فَقَالَ
والشمس تطلع كل آخر ليلة ... حمراء مطلع لونها متورد
تأبى فلا تبدو لَنَا فِي رِسْلِهَا ... إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صدق» فَإِنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ، فَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ الْأَوْعَالِ. اللَّهمّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ إِثْبَاتَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ فِي الْعَرْشِ قَوْلُهُ
مَجِّدُوا اللَّهَ فَهُوَ لِلْمَجْدِ أَهْلٌ ... رَبُّنَا فِي السَّمَاءِ أَمْسَى كَبِيرَا
بِالْبِنَاءِ الْعَالِي الَّذِي بَهَرَ النَّاسَ ... وَسَوَّى فَوْقَ السَّمَاءِ سَرِيرَا
شَرْجَعًا لَا يَنَالُهُ بَصَرُ الْعَيْنِ ... تَرَى حَوْلَهُ الْمَلَائِكُ صُورَا
صُورٌ جَمْعُ أَصْوَرَ وَهُوَ الْمَائِلُ الْعُنُقِ لِنَظَرِهِ إِلَى الْعُلُوِّ [1] وَالشَّرْجَعُ هُوَ الْعَالِي الْمُنِيفُ. وَالسَّرِيرُ هُوَ الْعَرْشُ فِي اللُّغَةِ. وَمِنْ شِعْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي عَرَّضَ بِهِ عَنِ الْقِرَاءَةِ لِامْرَأَتِهِ حِينَ اتَّهَمَتْهُ بِجَارِيَتِهِ
شَهِدْتُ بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ... وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الْكَافِرِينَا
وَأَنَّ الْعَرْشَ فَوْقَ الْمَاءِ طَافٍ ... وَفَوْقَ الْعَرْشِ رَبُّ الْعَالَمِينَا
وَتَحْمِلُهُ مَلَائِكَةٌ كِرَامٌ ... مَلَائِكَةُ الْإِلَهِ مُسَوِّمِينَا
ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ أَبُو داود حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أبى حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله