وَأُمِّي. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيُّ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ فِي حِصْنِ بَنِي حَارِثَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَكَانَ مِنْ أَحْرَزِ حُصُونِ الْمَدِينَةِ قَالَ وَكَانَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مَعَهَا فِي الْحِصْنِ. قَالَتْ عَائِشَةُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ. قَالَتْ فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ مُقَلَّصَةٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا ذِرَاعُهُ كلها وفي يده حربته يرفل بها ويقول:
لبّث قليلا يشهد الهيجا جمل ... لَا بَأْسَ بِالْمَوْتِ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ
فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ الْحَقْ بُنَيَّ فَقَدْ وَاللَّهِ أَخَّرْتَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لَهَا يَا أُمَّ سَعْدٍ وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ دِرْعَ سَعْدٍ كَانَتْ أَسْبَغَ مِمَّا هِيَ. قَالَتْ وَخِفْتُ عَلَيْهِ حَيْثُ أَصَابَ السَّهْمُ مِنْهُ. فَرُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بِسَهْمٍ فَقَطَعَ مِنْهُ الْأَكْحَلَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ رَمَاهُ حيان بْنُ قَيْسِ بْنِ الْعَرِقَةِ أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فَلَمَّا أَصَابَهُ قَالَ خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ عَرَّقَ اللَّهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ اللَّهمّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا فَإِنَّهُ لَا قَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ مِنْ قَوْمٍ آذَوْا رَسُولَكَ وَكَذَّبُوهُ وَأَخْرَجُوهُ. اللَّهمّ وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَاجْعَلْهَا لِي شَهَادَةً وَلَا تُمِتْنِي حَتَّى تَقَرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا أَصَابَ سَعْدًا يَوْمَئِذٍ إِلَّا أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيُّ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ، وَقَدْ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا قَالَهُ لِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ:
أَعِكْرِمُ هَلَّا لُمْتَنِي إِذْ تَقُولُ لِي ... فِدَاكَ بِآطَامِ الْمَدِينَةِ خَالِدُ
أَلَسْتُ الَّذِي أَلْزَمْتُ سعدا مريشة ... لَهَا بَيْنَ أَثْنَاءِ الْمَرَافِقِ عَانِدُ
قَضَى نَحْبَهُ مِنْهَا سُعَيْدٌ فَأَعْوَلَتْ ... عَلَيْهِ مَعَ الشُّمْطِ الْعَذَارَى النَّوَاهِدُ
وَأَنْتَ الَّذِي دَافَعْتَ عَنْهُ وَقَدْ دَعَا ... عُبَيْدَةُ جَمْعًا مِنْهُمُ إِذْ يُكَابِدُ
عَلَى حِينِ مَا هُمْ جَائِرٌ عَنْ طَرِيقِهِ ... وَآخَرُ مَرْعُوبٌ عَنِ الْقَصْدِ قَاصِدُ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَيُقَالُ إِنَّ الَّذِي رَمَى سَعْدًا خَفَاجَةُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ حِبَّانَ قُلْتُ وَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَةَ وَلِيِّهِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ فَحَكَمَ فِيهِمْ بِقُدْرَتِهِ وَتَيْسِيرِهِ وَجَعَلَهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فَحَكَمَ بِقَتْلِ مُقَاتِلَتِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ حَتَّى قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ فوق سبع أَرْقِعَةٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ قَالَ كَانَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي فَارِعٍ حِصْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَتْ وَكَانَ حَسَّانُ مَعَنَا فِيهِ مَعَ النِّسَاءِ والصبيان فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْحِصْنِ وَقَدْ حَارَبَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ وَقَطَعَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَحَدٌ يَدْفَعُ عَنَّا