فَنِلْنَا وَنَالَ الْقَوْمُ مِنَّا وَرُبَّمَا ... فَعَلْنَا وَلَكِنْ مَا لَدَى اللَّهِ أَوْسَعُ
وَدَارَتْ رَحَانَا وَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمُ ... وَقَدْ جَعَلُوا كُلٌّ مِنَ الشَّرِّ يَشْبَعُ
وَنَحْنُ أُنَاسٌ لَا نَرَى الْقَتْلَ سُبَّةً ... عَلَى كُلِّ مَنْ يَحْمِي الذِّمَارَ وَيَمْنَعُ
جِلَادٌ عَلَى رَيْبِ الْحَوَادِثِ لَا نَرَى ... عَلَى هَالِكٍ عَيْنًا لَنَا الدَّهْرُ تَدْمَعُ
بَنُو الْحَرْبِ لَا نَعْيَا بشيء نقوله ... ولا نحن ما جَرَّتِ الْحَرْبُ نَجْزَعُ
بَنُو الْحَرْبِ إِنْ نَظْفَرْ فلسنا بفحش ... ولا نحن من أظفارنا نَتَوَجَّعُ
وَكُنَّا شِهَابًا يَتَّقِي النَّاسُ حَرَّهُ ... وَيَفْرُجُ عَنْهُ مَنْ يَلِيهِ وَيَسْفَعُ
فَخَرَّتْ عَلَى ابْنِ الزِّبَعْرَى وَقَدْ سَرَى ... لَكُمْ طَلَبٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ مُتْبَعُ
فَسَلْ عَنْكَ فِي عُلْيَا مَعَدٍّ وَغَيْرِهَا ... مِنَ النَّاسِ مَنْ أَخْزَى مَقَامًا وَأَشْنَعُ
وَمَنْ هُوَ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ الْحَرْبُ مَفْخَرًا ... وَمَنْ خَدُّهُ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ أَضْرَعُ
شَدَدْنَا بِحَوَلِ اللَّهِ وَالنَّصْرِ شَدَّةً ... عَلَيْكُمْ وَأَطْرَافُ الْأَسِنَّةِ شُرَّعُ
تكرّ القنا فيكم كأنّ فروعها ... عَزَالِي مَزَادٍ مَاؤُهَا يَتَهَزَّعُ
عَمَدْنَا إِلَى أَهْلِ اللِّوَاءِ وَمَنْ يَطِرْ ... بِذِكْرِ اللِّوَاءِ فَهُوَ فِي الحمد أسرع
فحانوا وَقَدْ أَعْطَوْا يَدًا وَتَخَاذَلُوا ... أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَمَرَهُ وَهُوَ أَصْنَعُ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ بَعْدُ:
يَا غُرَابَ الْبَيْنِ أَسْمَعْتَ فَقُلْ ... إِنَّمَا تَنْطِقُ شَيْئًا قَدْ فُعِلْ
إِنَّ لِلْخَيْرِ وَلِلشَّرِّ مَدًى ... وَكِلَا ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ
وَالْعَطِيَّاتُ خِسَاسٌ بَيْنَهُمْ ... وَسَوَاءٌ قَبْرُ مُثْرٍ وَمُقِلْ
كُلُّ عَيْشٍ وَنَعِيمٍ زَائِلٌ ... وَبَنَاتُ الدَّهْرِ يلعبن بكل
أبلغا حَسَّانَ عَنِّي آيَةً ... فَقَرِيضُ الشِّعْرِ يَشْفِي ذَا الْغُلَلْ
كَمْ تَرَى بِالْجَرِّ مِنْ جُمْجُمَةٍ ... وَأَكُفٍّ قَدْ أُتِرَّتْ وَرَجَلْ
وَسَرَابِيلَ حِسَانٍ سُرِيَتْ ... عَنْ كُمَاةٍ أُهْلِكُوا فِي الْمُنْتَزَلْ
كَمْ قَتَلْنَا مِنْ كَرِيمٍ سَيِّدٍ ... مَاجِدِ الْجَدَّيْنِ مِقْدَامٍ بَطَلْ
صَادِقِ النَّجْدَةِ قَرْمٍ بَارِعٍ ... غَيْرِ مُلْتَاثٍ لَدَى وَقْعِ الْأَسَلْ
فَسَلِ الْمِهْرَاسَ مَا سَاكِنُهُ ... بَيْنَ أَقْحَافٍ وَهَامٍ كَالْحَجَلْ
لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا ... جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلْ
حِينَ حَكَّتْ بِقُبَاءٍ بَرْكَهَا ... وَاسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي عَبْدِ الْأَشَلْ