قِيلَ لَهَا: قُتِلَ أَخُوكِ. فَقَالَتْ: رَحِمَهُ اللَّهُ وانا للَّه وانا اليه راجعون. فقالوا: قتل زوجك قالت:
وا حزناه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلزَّوْجِ مِنَ الْمَرْأَةِ لَشُعْبَةً مَا هِيَ لِشَيْءٍ» قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بن أبى عون عن إسماعيل عن محمد عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي دِينَارٍ وَقَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُحُدٍ فَلَمَّا نُعُوْا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أَمَّ فُلَانٍ هُوَ بِحَمْدِ اللَّهِ كَمَا تُحِبِّينَ، قَالَتْ:
أَرَوْنِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأُشِيرَ لَهَا إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ. قَالَ ابْنُ هشام: الجلل يكون من القليل والكثير وهو هاهنا القبيل. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُمْ ... أَلَا كُلُّ شَيْءٍ خَلَاهُ جَلَلْ
أَيْ صَغِيرٌ وَقَلِيلٌ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِهِ نَاوَلَ سَيْفَهُ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ فَقَالَ: «اغْسِلِي عَنْ هذا دمه يا بنيّة، فو الله لَقَدْ صَدَقَنِي فِي هَذَا الْيَوْمِ» وَنَاوَلَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيْفَهُ فَقَالَ: وَهَذَا فَاغْسِلِي عنه دمه فو الله لَقَدْ صَدَقَنِي الْيَوْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَئِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ الْقِتَالَ لَقَدْ صَدَقَهُ مَعَكَ سَهْلُ بْنُ حَنَيْفٍ وَأَبُو دُجَانَةَ» وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَ عَلِيٍّ مُخَضَّبًا بِالدِّمَاءِ قَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ فَقَدْ أَحْسَنَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ سفيان ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِسَيْفِهِ يَوْمَ أُحُدٍ قَدِ انْحَنَى فَقَالَ لِفَاطِمَةَ: هَاكِ السَّيْفَ حَمِيدًا فَإِنَّهَا قَدْ شفتي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَئِنْ كُنْتَ أَجَدْتَ الضَّرْبَ بِسَيْفِكَ لَقَدْ أَجَادَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَأَبُو دُجَانَةَ وَعَاصِمُ بْنُ ثابت والحارث ابن الصِّمَّةِ» قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا هُوَ ذُو الْفَقَارِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: نَادَى مُنَادٍ يَوْمَ أحد لا سيف الا ذُو الْفَقَارِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَلِيٍّ: «لَا يُصِيبُ الْمُشْرِكُونَ مِنَّا مِثْلَهَا حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا» قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَسَمِعَ الْبُكَاءَ وَالنَّوَائِحَ عَلَى قَتْلَاهُمْ فَذَرَفَتْ عَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بِوَاكِيَ لَهُ» فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ إِلَى دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ أَمَرَا نِسَاءَهُنَّ أَنْ يَتَحَزَّمْنَ ثُمَّ يَذْهَبْنَ فَيَبْكِينَ عَلَى عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَحَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَ: لَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُكَاءَهُنَّ عَلَى حَمْزَةَ خَرَجَ عَلَيْهِنَّ وهن في باب المسجد يبكين فَقَالَ: «ارْجِعْنَ يَرْحَمُكُنَّ اللَّهُ فَقَدَ آسَيْتُنَّ بِأَنْفُسِكُنَّ» قَالَ: وَنَهَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّوْحِ فِيمَا قَالَ ابْنُ هشام، وهذا الّذي ذكره مُنْقَطِعٌ وَمِنْهُ مُرْسَلٌ وَقَدْ أَسْنَدَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَقَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بن