أتعجب أن اقصدت حمرة مِنْهُمُ ... نَجِيبًا وَقَدْ سَمَّيْتَهُ بِنَجِيبِ
أَلَمْ يَقْتُلُوا عَمَرًا وَعُتْبَةَ وَابْنَهُ ... وَشَيْبَةَ وَالْحَجَّاجَ وَابْنَ حَبِيبِ
غَدَاةَ دَعَا الْعَاصِي عَلِيًّا فَرَاعَهُ ... بِضَرْبَةِ عَضْبٍ بله بخضيب
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَصَدَقَهُمْ وَعْدَهُ فَحَسُّوهُمْ بِالسُّيُوفِ حَتَّى كَشَفُوهُمْ عَنِ الْعَسْكَرِ وَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ لَا شَكَّ فِيهَا. وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ إِلَى خَدَمِ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ وَصَوَاحِبِهَا مُشَمِّرَاتٍ هَوَارِبَ مَا دُونَ أَخْذِهِنَّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إِذْ مَالَتِ الرُّمَاةُ عَلَى الْعَسْكَرِ حِينَ كَشَفْنَا الْقَوْمَ عَنْهُ وَخَلَّوْا ظُهُورَنَا لِلْخَيْلِ فَأُتِينَا مِنْ خَلْفِنَا وَصَرَخَ صَارِخٌ أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَانْكَفَأْنَا وَانْكَفَأَ الْقَوْمُ عَلَيْنَا بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ اللِّوَاءِ حَتَّى مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ اللِّوَاءَ لَمْ يَزَلْ صَرِيعًا حَتَّى أَخَذَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيَّةُ فَرَفْعَتْهُ لِقُرَيْشٍ فَلَاثُوا بِهِ وَكَانَ اللِّوَاءُ مع صواب غُلَامٍ لِبَنِي أَبِي طَلْحَةَ حَبَشِيٍّ وَكَانَ آخِرَ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ فَقَاتَلَ بِهِ حَتَّى قُطِعَتْ يَدَاهُ ثُمَّ بَرَكَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ اللِّوَاءَ بِصَدْرِهِ وَعُنُقِهِ حَتَّى قُتِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهمّ هَلْ أَعْزَرْتُ- يَعْنِي اللَّهمّ هَلْ أَعْذَرْتُ- فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي ذَلِكَ:
فَخَرْتُمْ بِاللِّوَاءِ وشر فخر ... لواء حين رد الى صواب
جَعَلْتُمْ فَخْرَكُمْ فِيهِ لِعَبْدٍ ... وَأَلْأَمِ مَنْ يَطَا عَفْرَ التُّرَابِ
ظَنَنْتُمْ وَالسَّفِيهُ لَهُ ظُنُونٌ ... وَمَا إِنْ ذَاكَ مِنْ أَمْرِ الصَّوَابِ
بِأَنَّ جِلَادَنَا يَوْمَ الْتَقَيْنَا ... بِمَكَّةَ بَيْعُكُمْ حُمْرَ الْعِيَابِ
أَقَرَّ الْعَيْنَ أَنْ عُصِبَتْ يَدَاهُ ... وَمَا إِنْ تُعْصَبَانِ عَلَى خِضَابِ
وَقَالَ حَسَّانٌ أَيْضًا فِي رَفْعِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَلْقَمَةَ اللِّوَاءَ لَهُمْ:
إِذَا عَضَلٌ سِيقَتْ إِلَيْنَا كَأَنَّهَا ... جَدَايَةُ شِرْكٍ مُعْلَمَاتِ الْحَوَاجِبِ
أَقَمْنَا لَهُمْ طَعْنًا مُبِيرًا مُنَكِّلًا ... وَحُزْنَاهُمُ بِالضَّرْبِ من كل جانب
فلولا لواء الخارثية أَصْبَحُوا ... يُبَاعُونَ فِي الْأَسْوَاقِ بَيْعَ الْجَلَائِبِ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ وَأَصَابَ مِنْهُمُ الْعَدُوُّ وَكَانَ يَوْمَ بَلَاءٍ وَتَمْحِيصٍ أَكْرَمَ اللَّهُ فِيهِ مَنْ أَكْرَمَ بِالشَّهَادَةِ حَتَّى خَلَصَ الْعَدُوُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذبّ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى وَقَعَ لِشِقِّهِ فَأُصِيبَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ وَكُلِمَتْ شَفَتُهُ وَكَانَ الَّذِي أَصَابَهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَاصٍّ فَحَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عن