حَارِثَةَ عَنِ ابْنَةِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهَا. وَقَالَ فِي ذَلِكَ مُحَيِّصَةُ،
يَلُومُ ابْنُ أُمٍّ لَوْ أمرت بقتله ... لطبقت ذفراه بأبيض قارب
حُسَامٍ كَلَوْنِ الْمِلْحِ أُخْلِصَ صَقْلُهُ ... مَتَى مَا أُصَوِّبْهُ فَلَيْسَ بِكَاذِبِ
وَمَا سَرَّنِي أَنِّي قَتَلْتُكَ طَائِعًا ... وَأَنَّ لَنَا مَا بَيْنَ بُصْرَى وَمَأْرِبِ
وَحَكَى ابْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْمَدَنِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بعد مقتل بنى قريظة فان الْمَقْتُولَ كَانَ كَعْبُ بْنُ يَهُوذَا فَلَمَّا قَتَلَهُ مُحَيِّصَةُ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ لَهُ أَخُوهُ حُوَيِّصَةُ مَا قَالَ فَرَدَّ عَلَيْهِ مُحَيِّصَةُ بما نقدم فَأَسْلَمَ حُوَيِّصَةُ يَوْمَئِذٍ. فاللَّه أَعْلَمُ
ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْبُخَارِيُّ قَبْلَهُ خَبَرَ بَنِي النَّضِيرِ قُبَلَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَالصَّوَابُ إِيرَادُهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَغَازِي، وَبُرْهَانُهُ أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ لَيَالِيَ حِصَارِ بَنِي النَّضِيرِ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ اصْطَبَحَ الْخَمْرَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ إِذْ ذَاكَ حَلَالًا وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ قِصَّةَ بَنِي النَّضِيرِ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ
خَبَرُ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ قَتْلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ عَلَى يَدَيِ الْأَوْسِ وَخَبَرُ بَنِي النَّضِيرِ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ كَمَا سَيَأْتِي وَكَذَلِكَ مَقْتَلُ أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ تَاجِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَى يدي الخزرج وَخَبَرُ يَهُودِ بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ وقصة الخندق كما سيأتي
فَائِدَةٌ ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي تَسْمِيَةِ أُحُدٍ قَالَ سُمِّيَ أُحُدٌ أُحَدًا لِتَوَحُّدِهِ مِنْ بَيْنِ تِلْكَ الْجِبَالِ وَفِي الصَّحِيحِ «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» قِيلَ مَعْنَاهُ أَهْلُهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُهُ بِقُرْبِ أَهْلِهِ إِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُحِبُّ وَقِيلَ على ظاهره كقوله وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ 2: 74 وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ «أُحُدٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ وَهُوَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، وَعَيْرٌ يُبْغِضُنَا وَنُبْغِضُهُ وَهُوَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ» قَالَ السُّهَيْلِيُّ مُقَوِّيًا لِهَذَا الْحَدِيثِ وقد ثبت أنه عليه السلام قَالَ «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» وَهَذَا مِنْ غَرِيبِ صُنْعِ السُّهَيْلِيِّ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ النَّاسُ وَلَا يُسَمَّى الْجَبَلُ امْرَأً. وَكَانَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ لِلنِّصْفِ من شوال وقال قتادة يوم السبت الحاري عَشَرَ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَهِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا قَوْلَهُ تَعَالَى وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَالله وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ