جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [النساء: 101] .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ (?) : وَقَدْ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ الْحَضَرِ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ أَرْبَعًا كَمَا ذَكَرَهُ مُرْسَلًا مِنْ صِلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا يَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَالْعِشَاءَ أَرْبَعًا يَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ.
وَالصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا.
قُلْتُ: فَلَعَلَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ تَكُونُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ (?) ثُمَّ لَمَّا فُرِضَتِ الْخَمْسُ فُرِضَتْ حَضَرًا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَرُخِّصَ فِي السَّفَرِ أَنَّ يُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ قَدِيمًا وَعَلَى هَذَا لَا يَبْقَى إِشْكَالٌ بِالْكُلِّيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ [فِي] انْشِقَاقِ الْقَمَرِ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وجعل الله له آية على صَدَقَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ حَيْثُ كان ذلك وقت إِشَارَتِهِ الْكَرِيمَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، وَكَذَّبُوا واتعبوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) [القمر: 1 - 3] وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَجَاءَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ مَنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ تُفِيدُ الْقَطْعَ عِنْدَ مَنْ أَحَاطَ بِهَا وَنَظَرَ فِيهَا.
وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَيَسَّرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
وَقَدْ تَقَصَّيْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ فَذَكَرْنَا الطُّرُقَ وَالْأَلْفَاظَ مُحَرَّرَةً، وَنَحْنُ نُشِيرُ ههنا إِلَى أَطْرَافٍ مِنْ طُرُقِهَا وَنَعْزُوهَا إِلَى الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ.
وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ،
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا أَنَسٌ فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم آيَةً، فَانْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ مَرَّتَيْنِ (?) .
فَقَالَ: (اقْتَرَبَتِ السَّاعة وانشقَّ الْقَمَرُ) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ وَهَذَا مِنْ مُرْسَلَاتِ