مُكَرَّمًا، وَصَاحِبَ مَالٍ، وَدَاعِيَةً إِلَى الْإِسْلَامِ.

وَكَانَ مُحَبَّبًا مُتَأَلِّفًا (?) يَبْذُلُ الْمَالَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.

قَالَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَحَقٌّ مَا تَقُولُ قُرَيْشٌ يَا مُحَمَّدُ؟ من تركك آلهتنا، وتسفيهك عقولنا، وتكفيرك آبائنا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَلَى إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَنَبِيُّهُ، بَعَثَنِي لِأُبَلِّغَ رِسَالَتَهُ وَأَدْعُوَكَ إِلَى اللَّهِ بِالْحَقِّ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْحَقُّ، أَدْعُوكَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا تَعْبُدْ غَيْرَهُ، وَالْمُوَالَاةِ عَلَى طَاعَتِهِ " وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ.

فَأَسْلَمَ وَكَفَرَ بِالْأَصْنَامِ، وَخَلَعَ الْأَنْدَادَ وَأَقَرَّ بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ مُصَدِّقٌ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ: " مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا كَانَتْ عِنْدَهُ كَبْوَةٌ وَتَرَدُّدٌ وَنَظَرٌ، إِلَّا أَبَا بَكْرٍ مَا عَكَمَ عَنْهُ (?) حِينَ ذَكَرْتُهُ، وَلَا تَرَدَّدَ فِيهِ " (?) عَكَمَ - أَيْ تَلَبَّثَ - وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي

قَوْلِهِ فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ، مُنْكَرٌ فَإِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَكَانَ يَعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ وَحُسْنِ سَجِيَّتِهِ وَكَرْمِ أَخْلَاقِهِ، مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى الْخَلْقِ.

فَكَيْفَ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ؟ وَلِهَذَا بِمُجَرَّدِ مَا ذَكَرَ لَهُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ بَادَرَ إِلَى تَصْدِيقِهِ وَلَمْ يَتَلَعْثَمْ، وَلَا عَكَمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَيْفِيَّةَ إِسْلَامِهِ فِي كِتَابِنَا الَّذِي أَفْرَدْنَاهُ فِي سِيرَتِهِ وَأَوْرَدْنَا فَضَائِلَهُ وَشَمَائِلَهُ وَأَتْبَعْنَا ذَلِكَ بِسِيرَةِ الْفَارُوقِ أَيْضًا وَأَوْرَدْنَا مَا رَوَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَمَا رُوي عَنْهُ مِنَ الْآثَارِ وَالْأَحْكَامِ وَالْفَتَاوَى، فَبَلَغَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مُجَلَّدَاتٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي حَدِيثِ مَا كَانَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنَ الْخُصُومَةِ وَفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: " إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ.

وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي " مَرَّتَيْنِ.

فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا، وَهَذَا كَالنَّصِّ عَلَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجَرِيرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَلَسْتُ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا، أَلَسْتُ أوَّل مَنْ أَسْلَمَ، أَلَسْتُ صَاحِبَ كَذَا (?) ؟ وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ بُهْلُولِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ عَنِ الْحَارِثِ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أوَّل مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرِّجَالِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ الصَّدِّيقُ.

رواه أحمد والترمذي والنسائي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015