الدِّينِ أَبِي الْبَقَاءِ الشَّافِعِيِّ، الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ بْنُ الصَّارِمِ الْمُحَدِّثُ عَلَى السُّدَّةِ تُجَاهَ الْمِحْرَابِ، وَقَرَأَ تَقْلِيدَ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالِ الدِّينِ بْنِ السَّرَّاجِ الْحَنَفِيِّ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ السَّرَّاجِ الْمُحَدِّثُ أَيْضًا عَلَى السُّدَّةِ، ثُمَّ حَكَمَا هُنَالِكَ، ثم جاء أيضاً إِلَى الْغَزَّالِيَّةِ فَدَرَّسَ بِهَا قَاضِي الْقُضَاةِ بَهَاءُ الدِّينِ أَبُو الْبَقَاءِ، وَجَلَسَ الْحَنَفِيُّ إِلَى جَانِبِهِ عَنْ يَمِينِهِ، وَحَضَرْتُ عِنْدَهُ فَأَخَذَ فِي صِيَامِ يوم الشك، ثم جاء معه إِلَى الْمَدْرَسَةِ النُّورِيَّةِ فَدَرَّسَ بِهَا قَاضِي الْقُضَاةِ جمال الدين المذكور، وحضر عنده القاضي الْقُضَاةِ بَهَاءُ الدِّينِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ أَخَذَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بالقسط) الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 135] .
ثُمَّ انْصَرَفَ بَهَاءُ الدِّينِ إِلَى الْمَدْرَسَةِ الْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ فَدَرَّسَ بِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 58 - 59] .
وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثَامِنِ شَهْرِ رَمَضَانَ دَخَلَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فَلَبِسَ الْخِلْعَةَ يَوْمَئِذٍ وَدَخَلَ الْمَقْصُورَةَ مِنَ الجامع الأموي وقرئ تقليده هنالك بِحَضْرَةِ الْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ، قَرَأَهُ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ بْنُ الصَّارِمِ الْمُحَدِّثُ، وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدين أحمد بن الشَّيخ شهاب الدِّين عبد الرحمن بن الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَسْكَرٍ الْعِرَاقِيُّ البغدادي، قدم الشام مراراً ثم استوطن بالديار المصرية بعد ماحكم ببغداد نيابة عن قطب الدين الأخوي، وَدَرَّسَ بِالْمُسْتَنْصِرِيَّةِ بَعْدَ أَبِيهِ، وَحَكَمَ بِدِمْيَاطَ أَيْضًا ثُمَّ نُقِلَ إِلَى قَضَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بِدِمَشْقَ وَهُوَ شَيْخٌ حَسَنٌ كَثِيرُ التَّوَدُّدِ وَمُسَدَّدُ الْعِبَارَةِ حَسَنُ الْبِشْرِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، مَشْكُورٌ فِي مُبَاشَرَتِهِ عِفَّةٌ وَنَزَاهَةٌ وَكَرَمٌ، اللَّهُ يُوَفِّقُهُ وَيُسَدِّدُهُ.
مَسْكُ الْأَمِيرِ طرغتمش أَتَابَكِ الْأُمَرَاءِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَرَدَ الْخَبَرُ إِلَيْنَا بِمَسْكِهِ يَوْمَ السَّبْتِ الْخَامِسَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ هذا، وأنه قبض بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ (?) الْعِشْرِينَ مِنْهُ، ثُمَّ اختلفت الرواية عن قَتْلِهِ (2) غَيْرَ أَنَّهُ احْتِيطَ عَلَى حَوَاصِلِهِ وَأَمْوَالِهِ، وَصُودِرَ أَصْحَابُهُ وَأَتْبَاعُهُ، فَكَانَ فِيمَنْ ضُرِبَ وَعُصِرَ تَحْتَ الْمُصَادَرَةِ الْقَاضِي ضِيَاءُ الدِّينِ ابْنُ خَطِيبِ بَيْتِ الْآبَارِ، وَاشْتَهَرَ أَنَّهُ مَاتَ تَحْتَ الْعُقُوبَةِ، وقد كان مقصداً للواردين إلى الديار