وفي يوم الأحد مسك القاضي كريم الدين بن عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ السَّدِيدِ (?) وَكِيلُ السُّلْطَانِ وَكَانَ قَدْ بَلَغَ مِنَ الْمَنْزِلَةِ وَالْمَكَانَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الْوُزَرَاءِ الْكِبَارِ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَرُسِمَ عَلَيْهِ عِنْدَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، ثُمَّ رُسِمَ لَهُ أَنْ يَكُونَ بِتُرْبَتِهِ الَّتِي بِالْقَرَافَةِ، ثم نفي إلى الشوبك وأنعم عليه بشئ مِنَ الْمَالِ، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ بِالْإِقَامَةِ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ بِرِبَاطِهِ.
وَمُسِكَ ابْنُ أَخِيهِ كَرِيمُ الدِّينِ الصَّغِيرُ نَاظِرُ الدَّوَاوِينِ، وَأُخِذَتْ أَمْوَالُهُ وَحُبِسَ فِي البرج، وَفَرِحَ الْعَامَّةُ بِذَلِكَ وَدَعَوْا لِلسُّلْطَانِ بِسَبَبِ مَسْكِهِمَا، ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَى صَفَدَ (2) .
وَطُلِبَ مِنَ الْقُدْسِ أَمِينُ الْمُلْكِ عَبْدُ اللَّهِ (3) فَوَلِيَ الْوِزَارَةَ بِمِصْرَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ، وَفَرِحَ الْعَامَّةُ بذلك وأشعلوا له الشموع، وطلب الصاحب بدر الدِّينِ غِبْرِيَالُ مِنْ دِمَشْقَ فَرَكِبَ وَمَعَهُ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ خُوِّلَ أَمْوَالَ كَرِيمِ الدِّينِ الْكَبِيرِ، وَعَادَ إِلَى دِمَشْقَ مُكَرَّمًا، وَقَدِمَ الْقَاضِي مُعِينُ الدين بن الحشيشي عَلَى نَظَرِ الْجُيُوشِ الشَّامِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الْقُطْبِ ابن شيخ السلامية عزل منها، وَرُسِمَ عَلَيْهِ فِي الْعَذْرَاوِيَّةِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ أُذِنَ لَهُ فِي الِانْصِرَافِ إِلَى مَنْزِلِهِ مَصْرُوفًا عَنْهَا.
وَفِي جُمَادَى الْأُولَى عُزِلَ طُرْقُشِيُّ عَنْ شَدِّ الدَّوَاوِينِ وَتَوَلَّاهَا الْأَمِيرُ بَكْتَمُرُ.
وفي ثاني جمادى الآخرة باشر ابْنُ جَهْبَلٍ نِيَابَةَ الْحُكْمِ عَنِ الزُّرَعِيِّ، وَكَانَ قَدْ بَاشَرَ قَبْلَهَا بِأَيَّامٍ نَظَرَ الْأَيْتَامِ عِوَضًا عن ابن هلال.
وفي شعبان أعيد الطرقشي إِلَى الشَّدِّ وَسَافَرَ بَكْتَمُرُ إِلَى نِيَابَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وكان بِهَا إِلَى
أَنْ تُوُفِّيَ.
وَفِي رَمَضَانَ قَدِمَ جَمَاعَةٌ مِنْ حُجَّاجِ الشَّرْقِ وَفِيهِمْ بِنْتُ الْمَلِكِ أَبْغَا بْنِ هُولَاكُو، وَأُخْتُ أَرْغُونَ وَعَمَّةُ قَازَانَ وَخَرْبَنْدَا، فَأُكْرِمَتْ وَأُنْزِلَتْ بِالْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، وَأُجْرِيَتْ عَلَيْهَا الْإِقَامَاتُ وَالنَّفَقَاتُ إِلَى أَوَانِ الْحَجِّ، وَخَرَجَ الرَّكْبُ يوم الاثنين ثامن شوال وأميره قطلجا الأيوبكري، الَّذِي بِالْقَصَّاعِينَ وَقَاضِي الرَّكْبِ شَمْسُ الدِّينِ قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنُ مُسَلَّمٍ الْحَنْبَلِيُّ، وَحَجَّ مَعَهُمْ جَمَالُ الدين المزي، وعماد الدين بن الشيرجي، وأمين الدين الوافي، وفخر الدين البعلبكي، وجماعة، وفوض الحكم فِي ذَلِكَ إِلَى شَرَفِ الدِّينِ بْنِ سَعْدِ الدين بن نجيح.
كذا أخبرني شِهَابُ الدِّينِ الظَّاهِرِيُّ.
وَمِنَ الْمِصْرِيِّينَ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ وَوَلَدُهُ عِزُّ الدِّينِ وَفَخْرُ الدِّينِ كَاتِبُ الْمَمَالِيكِ، وَشَمْسُ الدِّينِ الْحَارِثِيُّ، وشهاب الدين الأذرعي، وعلاء الدين الفارسي.