مَشْهُورًا بِذَلِكَ كَتَبَ خِتَمًا حِسَانًا، وَكَتَبَ النَّاسُ عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ، فَمِنْهُ مَا أَوْرَدَهُ الْبِرْزَالِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْهُ: تُجَدِّدُ الشَّمْسُ شَوْقِي كُلَّمَا طلعت * إِلَى مُحَيَّاكِ يا سَمْعِي وَيَا بَصَرِي (?) وَأَسْهَرُ اللَّيْلَ فِي أُنْسٍ بِلَا وَنَسٍ * إِذْ طِيبُ ذِكْرَاكِ فِي ظُلْمَاتِهِ يَسْرِي (?) وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى لَا أَرَاكِ بِهِ * فَلَسْتُ مُحْتَسِبًا مَاضِيهِ مِنْ عُمْرِي لَيْلِي نَهَارٌ إِذَا ما دُرْتِ فِي خَلَدِي * لِأَنَّ ذِكْرَكِ نُورُ الْقَلْبِ وَالْبَصَرِ ثُمَّ دخلت سنة تسع وتسعين وستمائة وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ قَازَانَ (?) ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ السنة استهلت وَالْخَلِيفَةُ وَالسُّلْطَانُ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، ونائب مصر سلار، ونائب الشام آقوش الأفرم، وسائر الحكام هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الأخبار بقصد التتار بِلَادِ الشَّامِ، وَقَدْ خَافَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ خَوْفًا شَدِيدًا، وَجَفَلَ النَّاسُ مِنْ بِلَادِ حَلَبَ وحماه، وبلغ كري الخيل مِنْ حَمَاةَ إِلَى دِمَشْقَ نَحْوَ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي الْمُحَرَّمِ ضَرَبَتِ البشائر بسبب خروج السلطان من مصر قَاصِدًا
الشَّامَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثَامِنِ ربيع الأول دخل السلطان إلى دمشق فِي مَطَرٍ شَدِيدٍ وَوَحَلٍ كَثِيرٍ، وَمَعَ هَذَا خرج الناس لتلقيه، وكان قد أَقَامَ بِغَزَّةَ قَرِيبًا مِنْ شَهْرَيْنِ، وَذَلِكَ لَمَّا بلغه قدوم التتار إلى الشام، فتهيأ لذلك وجاء فدخل دمشق فنزل بالطارمة، وزينت له والبلد، وَكَثُرَتْ لَهُ الْأَدْعِيَةُ وَكَانَ وَقْتًا شَدِيدًا، وَحَالًا صعباً، وامتلأ البلد من الجافين النَّازِحِينَ عَنْ بِلَادِهِمْ، وَجَلَسَ الْأَعْسَرُ وَزِيرُ الدَّوْلَةِ وَطَالَبَ الْعُمَّالَ وَاقْتَرَضُوا أَمْوَالَ الْأَيْتَامِ وَأَمْوَالَ الْأَسْرَى لِأَجْلِ تَقْوِيَةِ الْجَيْشِ وَخَرَجَ السُّلْطَانُ بِالْجَيْشِ مِنْ دِمَشْقَ يَوْمَ الْأَحَدِ سَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنَ الْجُيُوشِ، وَخَرَجَ مَعَهُمْ خلق كثير من المتطوعة، وَأَخَذَ النَّاسُ فِي الدُّعَاءِ وَالْقُنُوتِ فِي الصَّلَوَاتِ بِالْجَامِعِ وَغَيْرِهِ، وَتَضَرَّعُوا وَاسْتَغَاثُوا وَابْتَهَلُوا إِلَى اللَّهِ بِالْأَدْعِيَةِ.
وَقْعَةُ قَازَانَ لَمَّا وَصَلَ السُّلْطَانُ إِلَى وادي الخزندار عند وادي سلمية، فالتقى التتر هناك يوم الاربعاء