وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ، وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِتُرْبَةِ جَدِّهِ، وَكَانَ نَاظِرَهَا، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَهْلَهُ، وَكَانَ فِيهِ لُطْفٌ وَتَوَاضُعٌ.
الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ الْبَعْلَبَكِّيُّ الْحَنْبَلِيُّ، شَيْخُ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ وَمَشْهَدِ ابْنِ عُرْوَةَ، وَشَيْخُ الصَّدْرِيَّةِ، كَانَ يُفْتِي وَيُفِيدُ النَّاسَ مَعَ دِيَانَةٍ وَصَلَاحٍ وَزَهَادَةٍ وَعِبَادَةٍ، وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا.
فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ، وَكَانَ الْخَلِيفَةُ الْحَاكِمَ الْعَبَّاسِيَّ، وَنَائِبُ مِصْرَ حُسَامَ الدِّينِ طرقطاي (?) ، وَنَائِبُ الشَّامِ حُسَامَ الدِّينِ لَاجِينَ، وَقُضَاةُ الشَّامِ شهاب الدين بن الخوي الشَّافِعِيَّ، وَحُسَامَ الدِّينِ الْحَنَفِيَّ، وَنَجْمَ الدِّينِ بْنَ شيخ الجبل، وجمال الدين الزواوي المالكي، وجاء البريد يطلب شمس الدين سنقر الأشقر إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَأَكْرَمَهُ السُّلْطَانُ وَقَوَّاهُ وَشَدَّ يده وأمره باستخلاص الأموال، وزاده مشد الْجُيُوشِ، وَالْكَلَامَ عَلَى الْحُصُونِ إِلَى الْبِيرَةِ وَكَخْتَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَوِيَتْ نَفْسُهُ وَزَادَ تَجَبُّرُهُ وَلَكِنْ كَانَ يَرْجِعُ إِلَى مُرُوءَةٍ وَسَتْرٍ وَيَنْفَعُ مَنْ يَنْتَمِي إِلَيْهِ، وَذَلِكَ مَوَدَّةٌ فِي الدُّنْيَا فِي أَيَّامٍ قَلَائِلَ، وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ جَاءَ الْبَرِيدُ بالكشف على ناصر الدين المقدسي وكيل بيت المال، وناظر الخاص، فظهرت عليه مخازي مِنْ أَكَلِ الْأَوْقَافِ وَغَيْرِهَا، فَرُسِمَ عَلَيْهِ بِالْعَذْرَاوِيَّةِ وَطُولِبَ بِتِلْكَ الْأَمْوَالِ وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، وَعَمِلَ فِيهِ سَيْفُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّامَرِّيُّ قَصِيدَةً يَتَشَفَّى فِيهَا لِمَا كَانَ أَسَدَى إِلَيْهِ مِنَ الظُّلْمِ وَالْإِيذَاءِ، مَعَ أَنَّهُ رَاحَ إِلَيْهِ وَتَغَمَّمَ لَهُ وَتَمَازَحَا هُنَالِكَ، ثُمَّ جَاءَ الْبَرِيدُ بِطَلَبِهِ إِلَى الديار المصرية فخاف النواب من ذهابه، فأصبح يوم الجمعة (?) وَهُوَ مَشْنُوقٌ بِالْمَدْرَسَةِ الْعَذْرَاوِيَّةِ، فَطُلِبَتِ الْقُضَاةُ وَالشُّهُودُ فَشَاهَدُوهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ جُهِّزَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ عِنْدَ أَبِيهِ، وَكَانَ مُدَرِّسًا بالرَّوَاحِيَّةِ وَتُرْبَةِ أُمِّ الصَّالِحِ، مَعَ الْوِكَالَتَيْنِ وَالنَّظَرِ.
وَجَاءَ الْبَرِيدُ بِعَمَلِ مَجَانِيقَ لِحِصَارِ عَكَّا فَرَكِبَ الْأَعْسَرُ (?) إِلَى أَرَاضِي بَعْلَبَكَّ لِمَا هُنَالِكَ من