ذَلِكَ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَكِتَابَةِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ يَكْتُبُ سَرِيعًا يَكْتُبُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَ كَرَارِيسَ وَقَدْ أَسْمَعَ مُسْنَدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَحَدَّثَ بِصَحِيحِ مُسْلِمٍ وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَسَمِعَ مِنْهُ الْبِرْزَالِيُّ وَالْمِزِّيُّ وَابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ عَنْ سِتٍّ (?) وَثَمَانِينَ سَنَةً رَحِمَهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا.

الشَّيخ صَفِيُّ الدِّين أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ الْحَنَفِيُّ، شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ بِبُصْرَى، وَمُدَرِّسُ الْأَمِينِيَّةِ بِهَا مُدَّةَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ، كَانَ بَارِعًا فَاضِلًا عَالِمًا عَابِدًا مُنْقَطِعًا عَنِ النَّاسِ، وَهُوَ وَالِدُ قَاضِي

الْقُضَاةِ صَدْرِ الدِّينِ عَلَيٍّ، وَقَدْ عُمِّرَ دَهْرًا طَوِيلًا، فَإِنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وثمانين وستمائة اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَالسُّلْطَانُ الْمَلِكُ المنصور قلاوون.

وفيها أرسل ملك التتار أَحْمَدُ إِلَى الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ يَطْلُبُ مِنْهُ الْمُصَالَحَةَ وَحَقْنَ الدِّمَاءِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَجَاءَ فِي الرَّسْلِيَّةِ الشيخ قطب الدين الشيرازي أحد تلامذة النصير الطوسي، فأجاب المنصور إلى ذلك وكتب الْمُكَاتَبَاتُ إِلَى مَلِكِ التَّتَرِ بِذَلِكَ (?) .

وَفِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ قَبَضَ السُّلْطَانُ عَلَى الْأَمِيرِ الْكَبِيرِ بَدْرِ الدِّينِ بَيْسَرِي السَّعْدِيِّ، وَعَلَى الْأَمِيرِ عَلَاءِ الدِّينِ السَّعْدِيِّ (?) الشَّمْسِيِّ أَيْضًا.

وَفِيهَا دَرَّسَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ بِالْقَيْمُرِيَّةِ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بن الصفي الحريري بالسرحانية، وَعَلَاءُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ بِالْأَمِينِيَّةِ.

وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ وَقَعَ حَرِيقٌ بِاللَّبَّادِينَ عَظِيمٌ (?) ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ إِذْ ذَاكَ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارُ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَتْ لَيْلَةً هَائِلَةً جِدًّا وَقَى الله شرها، واستدرك بعد ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015