كما ذكرنا عن والده الْقَاضِي بَهَاءِ الدِّينِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى تَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ مُوَافَقَةً لِشَيْخِهِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِيٍّ، وَلِمَنَامٍ رَآهُ بِجَامِعِ دِمَشْقَ مُعْرِضًا عَنْهُ بِسَبَبِ مَا كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَيْهِ فِي أَيَّامِ صِفِّينَ، فَأَصْبَحَ فَنَظَمَ فِي ذَلِكَ قَصِيدَةً يَذْكُرُ فِيهَا مَيْلَهُ إِلَى علي، وإن كان هو أموي: أَدِينُ بِمَا دَانَ الْوَصِيُّ وَلَا أَرَى * سِوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ أُمَيَّةُ مَحْتِدِي وَلَوْ شَهِدَتْ صِفِّينَ خيلي لا عذرت * وشاء بَنِي حَرْبٍ هُنَالِكَ مَشْهَدِي لَكُنْتُ أَسُنُّ الْبِيضَ عنهم تراضيا * وَأَمْنَعُهُمْ نَيْلَ الْخِلَافَةِ بِالْيَدِ وَمِنْ شِعْرِهِ: قَالُوا مَا فِي جِلَّقٍ نُزْهَةٌ * تُسْلِيكَ عَمَّنْ أَنْتَ به مغرا يَا عَاذِلِي دُونَكَ فِي لَحْظِهِ * سَهْمًا وَقَدْ عَارَضَهُ سَطْرَا الصَّاحِبُ (?) فَخْرُ الدِّينِ
مُحَمَّدُ بْنُ الصَّاحِبُ بَهَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ الْحِنَّا الْمِصْرِيُّ، كَانَ وَزِيرَ الصُّحْبَةِ، وَقَدْ كَانَ فَاضِلًا، بَنَى رِبَاطًا بِالْقَرَافَةِ الْكُبْرَى، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ وَالِدِهِ بِمِصْرَ، وَبِالشَّافِعِيِّ بَعْدَ ابْنِ بنت الأعز توفي بشعبان وَدُفِنَ بِسَفْحِ الْمُقَطَّمِ، وَفَوَّضَ السُّلْطَانُ وِزَارَةَ الصُّحْبَةِ لولده تَاجِ الدِّينِ.
الشَّيْخُ أَبُو نَصْرِ بْنُ أَبِي الحسن ابن الْخَرَّازِ الصُّوفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ الشَّاعِرُ، لَهُ دِيوَانٌ حَسَنٌ، وَكَانَ جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ حَسَنَ الْمُذَاكَرَةِ، دَخَلَ عَلَيْهِ بعض أصحابه فلم يقم له فأنشده قَوْلَهُ: نَهَضَ الْقَلْبُ حِينَ أَقْبَلْتَ * إِجْلَالًا لِمَا فِيهِ مِنْ صَحِيحِ الْوِدَادِ وَنُهُوضُ الْقُلُوبِ بِالْوُدِّ أَوْلَى * مِنْ نُهُوضِ الْأَجْسَادِ لِلْأَجْسَادِ ثُمَّ دَخَلَتْ سنة تسع وستين وستمائة فِي مُسْتَهَلِّ (?) صَفَرٍ مِنْهَا رَكِبَ السُّلْطَانُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَى عسقلان