ثم دخلت سنة اثنين وخمسين وستمائة قَالَ سِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ مِرْآةِ الزَّمَانِ: فِيهَا وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ مِنْ مَكَّةَ شرَّفها اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّ نَارًا ظَهَرَتْ فِي أَرْضِ عَدَنَ فِي بَعْضِ جِبَالِهَا بِحَيْثُ إِنَّهُ يَطِيرُ شَرَرُهَا إِلَى الْبَحْرِ فِي اللَّيْلِ، وَيَصْعَدُ مِنْهَا دُخَانٌ عَظِيمٌ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، فَمَا شَكُّوا أَنَّهَا النَّارُ الَّتِي ذَكَرَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا تَظْهَرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَتَابَ النَّاسُ وَأَقْلَعُوا عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَالْفَسَادِ، وَشَرَعُوا فِي أَفْعَالِ الْخَيْرِ وَالصَّدَقَاتِ (?) .

وفيها قدم الفارس أقطاي من الصعيد ونهب أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَأَسَرَ بَعْضَهُمْ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْبَحْرِيَّةِ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، وَقَدْ بَغَوْا وَطَغَوْا وَتَجَبَّرُوا، وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى الْمَلِكِ الْمُعِزِّ أَيْبَكَ التركماني، ولا إلى زوجته شجرة الدر.

فشاور المعز زوجته شجرة الدُّرِّ فِي قَتْلِ أَقَطَّايَ، فَأَذِنَتْ لَهُ، فَعَمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِالْقَلْعَةِ المنصورة بمصر، فاستراح المسلمون من شره (?) .

وَفِيهَا دَرَّسَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلام بِمَدْرَسَةِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ بَيْنَ الْقَصْرَيْنِ.

وَفِيهَا قَدِمَتْ بِنْتُ مَلَكِ الرُّومِ (?) فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ وَإِقَامَاتٍ هَائِلَةٍ إِلَى دِمَشْقَ زَوْجَةً لِصَاحِبِهَا النَّاصِرِ بْنِ الْعَزِيزِ بْنِ الظَّاهِرِ بْنِ النَّاصِرِ، وَجَرَتْ أوقات حافلة بدمشق بسببها.

وممن توفي فيها

وممن توفي فيها من المشاهير: عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِيسَى الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بن الْخُسْرُوشَاهِيُّ، أَحَدُ مَشَاهِيرِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَمِمَّنِ اشْتَغَلَ عَلَى الْفَخْرِ الرَّازِيِّ فِي الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ قَدِمَ الشَّامَ فَلَزِمَ الْمَلِكَ النَّاصِرَ دَاوُدَ بْنَ الْمُعَظَّمِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ.

قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَكَانَ شَيْخًا مَهِيبًا فَاضِلًا مُتَوَاضِعًا حَسَنَ الظَّاهِرِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ السِّبْطُ: وَكَانَ مُتَوَاضِعًا كَيِّسًا مَحْضَرَ خَيْرٍ، لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ آذَى أَحَدًا فإن قَدَرَ عَلَى نَفْعٍ وَإِلَّا سَكَتَ، تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ عَلَى بَابِ تُرْبَةِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ رحمه الله تعالى.

الشيخ مجد الدين بن تَيْمِيَّةَ صَاحِبُ الْأَحْكَامِ [عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْخَضِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن علي بن تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، جَدُّ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وُلِدَ فِي حُدُودِ سَنَةِ تِسْعِينَ وَخَمْسمِائَةٍ وَتَفَقَّهَ فِي صِغَرِهِ عَلَى عَمِّهِ الْخَطِيبِ فَخْرِ الدِّينِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَرَحَلَ إِلَى الْبِلَادِ وَبَرَعَ فِي الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِهِ، وَدَرَّسَ وَأَفْتَى وَانْتَفَعَ بِهِ الطَّلَبَةُ وَمَاتَ يَوْمَ الْفِطْرِ بَحَرَّانَ] (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015