المخاريق والمحاييل والشعبذة والأبواب النارنجية، فافتتن به طوائف من الهمج والعوام، فتطلبه السلطان فهرب إلى معاملة حلب، فألف عَلَيْهِ كُلُّ مَقْطُوعِ الذَّنَبِ، وَأَضَلَّ خَلْقًا مِنَ الفلاحين، وتزوج امرأة أحبها، وكنت من أهل تلك البطائح فَعَلَّمَهَا أَنِ ادَّعَتِ النُّبُوَّةَ، فَأَشْبَهَا قِصَّةَ مُسَيْلِمَةَ وسجاح.

وَفِيهَا هَرَبَ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ وَنُهِبَتْ دَارُهُ.

وَفِيهَا دَرَّسَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ بِمَدْرَسَةٍ أُنْشِئَتْ لِلْحَنَابِلَةِ فَحَضَرَ عِنْدَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الدَّامَغَانِيِّ وَالْفُقَهَاءُ وَالْكُبَرَاءُ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وخلعت عليه خلعة سنية.

وفيها توفي

وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ: رَوْحُ بْنُ أَحْمَدَ أبو طالب الحدثني قَاضِي الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَكَانَ ابنه في أرض الْحِجَازِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ أَبِيهِ مَرِضَ بَعْدَهُ فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَكَانَ يُنْبَذُ بِالرَّفْضِ.

شُمْلَةُ التُّرْكُمَانِيُّ كَانَ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَى بِلَادِ فَارِسَ وَاسْتَحْدَثَ قِلَاعًا وَتَغَلَّبَ عَلَى السَّلْجُوقِيَّةِ، وَانْتَظَمَ لَهُ الدست نحواً من عشرين سنة، ثم حاربه بعض التركمان فقتلوه.

قيماز بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُطْبُ الدِّينِ الْمُسْتَنْجَدِيُّ، وَزَرَ للخليفة المستضئ، وكان مقدماً على العساكر كلها، ثم خَرَجَ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَقَصَدَ أَنْ يَنْهَبَ دَارَ الْخِلَافَةِ فَصَعِدَ الْخَلِيفَةُ فَوْقَ سَطْحٍ فِي دَارِهِ وأمر العامة بنهب دار قيماز، فَنُهِبَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ بِإِفْتَاءِ الْفُقَهَاءِ، فَهَرَبَ فَهَلَكَ هو ومن مَعَهُ فِي الْمَهَامِهِ وَالْقِفَارِ (?) .

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وسبعين وخمسمائة فِيهَا طَلَبَ الْفِرِنْجُ مِنَ السُّلْطَانِ صَلَاحِ الدِّينِ وهو مقيم بمرج الصُّفَّرِ أَنْ يُهَادِنَهُمْ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ الشام كان مجدباً، وَأَرْسَلَ جَيْشَهُ صُحْبَةَ الْقَاضِي الْفَاضِلِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِيَسْتَغِلُّوا الْمُغَلَّ ثُمَّ يُقْبِلُوا، وَعَزَمَ هُوَ عَلَى الْمُقَامِ بِالشَّامِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى كَاتِبِهِ الْعِمَادِ عوضاً عن القاضي، ولم يكن أحد أعز عليه منه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015