وَأَلْفُ حِمْلٍ مِنْ مَتَاعِ تُسْتَرٍ * أَنْفَعُ لِلْمِسْكِينِ مَنْ لَقَطِ النَّوَى مَنْ طَبَخَ الدِّيكَ وَلَا يَذْبَحُهُ * طَارَ مِنَ الْقِدْرِ إِلَى حَيْثُ انْتَهَى مَنْ دَخَلَتْ فِي عَيْنِهِ مِسَلَّةٌ * فسلْه مِنْ سَاعَتِهِ كَيْفَ الْعَمَى وَالذَّقَنُ شَعْرٌ فِي الْوُجُوهِ طالع * كذلك العقصة من خلف القفى إِلَى أَنْ خَتْمَهَا بِالْبَيْتِ الَّذِي حُسِدَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَنْ فَاتَهُ الْعِلْمُ وَأَخْطَاهُ الْغِنَى * فذاك والكلب على حد سوى قَدِمَ مِصْرَ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَامْتَدَحَ فِيهَا خَلِيفَتَهَا الظَّاهِرَ لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ ابن الحاكم واتفقت وفاته بها في رجبها.
ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وأربعمائة فيها جرت كائنة غريبة عظيمة، ومصيبة عامة، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَاكِمِ اتَّفَقَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْحُجَّاجِ الْمِصْرِيِّينَ عَلَى أَمْرِ سَوْءٍ، وَذَلِكَ أنَّه لَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ طَافَ هَذَا الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ جَاءَ لِيُقَبِّلَهُ فَضَرَبَهُ بِدَبُّوسٍ كَانَ مَعَهُ ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، وقال: إلى متى نعبد هَذَا الْحَجَرَ؟ وَلَا مُحَمَّدٌ وَلَا عَلَيٌّ يَمْنَعُنِي مِمَّا أَفْعَلُهُ، فَإِنِّي أَهْدِمُ الْيَوْمَ هَذَا الْبَيْتَ، وَجَعَلَ يَرْتَعِدُ، فَاتَّقَاهُ أَكْثَرُ الْحَاضِرِينَ وَتَأَخَّرُوا عَنْهُ، وذلك لأنه كَانَ رَجُلًا طِوَالًا جَسِيمًا أَحْمَرَ اللَّوْنِ أَشْقَرَ الشعر، وعلى باب الجامع جماعة من الفرسان، وقوف ليمنعوه ممن يريد منعه من هذا الفعل، وأراده بِسُوءٍ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ معه خنجر فوجأه بها، وتكاثر الناس عليه فقتلوه وقطعوه قطعاً، وحرقوه بالنار، وتتبعوا أصحابه فقتلوا منهم جماعة، ونهبت أهل مكة الركب المصري، وتعدى النهب إلى غيرهم، وَجَرَتْ خَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ، وَفِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ جِدًّا، ثُمَّ سَكَنَ الْحَالُ بَعْدَ
أَنْ تُتُبِّعَ أُولَئِكَ النَّفَرُ الذين تمالاوا عَلَى الْإِلْحَادِ فِي أَشْرَفِ الْبِلَادِ غَيْرَ أنَّه قد سَقَطَ مِنَ الْحَجَرِ ثَلَاثُ فِلَقٍ مِثْلُ الْأَظْفَارِ، وَبَدَا مَا تَحْتَهَا أَسْمَرَ يَضْرِبُ إِلَى صُفْرَةٍ، مُحَبَّبًا مِثْلَ الْخَشْخَاشِ، فَأَخَذَ بَنُو شَيْبَةَ تِلْكَ الفلق فعجنوها بالمسك والك وَحَشَوْا بِهَا تِلْكَ الشُّقُوقَ الَّتِي بَدَتْ، فَاسْتَمْسَكَ الْحَجْرُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ، وهو ظاهر لمن تأمله.
وفيها فُتِحَ الْمَارَسْتَانُ الَّذِي بَنَاهُ الْوَزِيرُ مُؤَيِّدُ الْمُلْكِ، أبو علي الحسن، وَزِيرُ شَرَفِ الْمُلْكِ بِوَاسِطٍ، وَرَتَّبَ لَهُ الْخُزَّانَ والأشربة والأدوية والعقاقير، وغير ذلك مما يحتاج إليه.
وفيها توفي من الأعيان ... ابن البواب الكاتب صاحب الخط المنسوب، عَلِيُّ بْنُ هِلَالٍ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَوَّابِ، صاحب أبي الحسين بن