وفيها توفي من الأعيان.
أحمد بْنِ يُوسُفَ بْنِ دُوسْتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ البزار، أحد حفاظ الحديث، وأحد الفقهاء على مذهب مالك، كان يذكر بحضرة الدارقطني ويتكلم على عالم الحديث، فيقال إن الدارقطني تلكم فيه لذلك السَّبَبِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي غَيْرِهِ بِمَا لَا يقدح فيه كبير شئ.
قال الأزهري: رأيت كتبه طَرِيَّةً، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ أُصُولَهُ الْعُتُقَ غَرِقَتْ، وَقَدْ أَمْلَى الْحَدِيثَ مِنْ حَفِظِهِ، وَالْمُخَلِّصُ وَابْنُ شاهين حيّان موجودان.
توفي فِي رَمَضَانَ، عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ أبو غالب الوزير، كَانَ مِنْ أَهْلِ وَاسِطٍ، وَكَانَ أَبُوهُ صَيْرَفِيًّا، فَتَنَقَّلَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ إِلَى أَنْ وَزَرَ لِبَهَاءِ الدولة، وقد اقتنى أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَبَنَى دَارًا عَظِيمَةً، تُعْرَفُ بِالْفَخْرِيَّةِ، وَكَانَتْ أَوَّلًا لِلْخَلِيفَةِ الْمُتَّقِي لِلَّهِ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا أموالاً كثيرة، وكان كريماً جواداً، كثير الصدقة، كسى في يوم واحد أَلْفَ فَقِيرٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَرَّقَ الْحَلَاوَةَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَانَ فِيهِ مَيْلٌ إِلَى التَّشَيُّعِ، وَقَدْ صادره سلطان الدولة بالأهواز، وأخذ منه شيئاً أَزْيَدُ مِنْ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، خَارِجًا عَنِ الأملاك والجواهر والمتاع، قتله سلطان الدولة، وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ قُتِلَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً وأشهر وقيل إِنَّ سَبَبَ هَلَاكِهِ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَهُ بَعْضُ غلمانه، فاستعدت امرأة الرجل على الوزير هذا، ورفعت إليه قصصتها، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ ذات يوم: أيها الوزير أرأيت القصص التي رفعتها إليك، فلم تلتفت إليها قد رفعتها إلى الله عز وجل، وأنا أنتظر التوقيع عليها، فلما مسك قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ خَرَجَ تَوْقِيعُ الْمَرْأَةِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ.
وَفِيهَا مَلَكَ أَبُو المظفر بن خاقان بِلَادَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَغَيْرَهَا، وَتَلَقَّبَ بِشَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاةِ
أَخِيهِ طُغَانَ خَانَ، وَقَدْ كَانَ طُغَانُ خَانَ هَذَا دَيِّنًا فَاضِلًا، يُحِبُّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَقَدْ غَزَا التُّرْكَ مَرَّةً فَقَتَلَ مِنْهُمْ مِائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَأَسَرَ مِنْهُمْ مِائَةَ أَلْفٍ، وَغَنِمَ مِنْ أَوَانِي الذَّهَبِ والفضة، وأواني الصين شيئاً لا يُعْهَدُ لِأَحَدٍ مِثْلُهُ، فَلَمَّا مَاتَ ظَهَرَتْ مُلُوكُ الترك على الْبِلَادِ الشَّرْقِيَّةِ.
وَفِي جُمَادَى الْأُولَى