لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ثُمَّ أَثْنَى اللَّهُ عليه تعالى فقال: (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) أَيْ رَجَّاعٌ مُطِيعٌ لِلَّهِ.

ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي الْخَيْلِ الصَّافِنَاتِ وَهِيَ الَّتِي تَقِفُ عَلَى ثَلَاثٍ وَطَرَفِ حَافِرِ الرَّابِعَةِ.

الْجِيَادِ وَهِيَ الْمُضَمَّرَةُ السِّرَاعُ (فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى توارت بالحجاب) يَعْنِي الشَّمْسَ.

وَقِيلَ الْخَيْلُ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ.

(رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ) قِيلَ مَسَحَ عَرَاقِيبَهَا وَأَعْنَاقَهَا بِالسُّيُوفِ.

وَقِيلَ مَسَحَ عَنْهَا الْعَرَقَ لَمَّا أَجْرَاهَا وَسَابَقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ.

وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ السَّلَفِ الْأَوَّلُ فَقَالُوا: اشْتَغَلَ بِعَرْضِ تِلْكَ الْخُيُولِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ وَالَّذِي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يقال إنه كان سائغاً في شريعتهم فأخر الصَّلَاةِ لِأَجْلِ أَسْبَابِ الْجِهَادِ وَعَرْضُ الْخَيْلِ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَدِ ادَّعَى طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي تأخير النبي صلى الله عليه وسلَّم صلاة الْعَصْرِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَنَّ هَذَا كَانَ مَشْرُوعًا إِذْ ذَاكَ حَتَّى نُسِخَ بِصَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ مَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ بَلْ هُوَ حُكْمٌ مُحْكَمٌ إِلَى الْيَوْمِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا بعذر الْقِتَالِ الشَّدِيدِ (?) كَمَا ذَكَرْنَا تَقْرِيرَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ عِنْدَ صَلَاةِ الْخَوْفِ.

وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَ

تَأْخِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم صَلَاةَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ نِسْيَانًا وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ فِعْلُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ الضَّمِيرُ في قوله حتى توارت بالحجاب عائد على الخيل وأنه لم تفته وَقْتُ صَلَاةٍ وَإِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: (رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ) يَعْنِي مَسَحَ الْعَرَقَ عَنْ عَرَاقِيبِهَا وَأَعْنَاقِهَا، فَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَرَوَاهُ الْوَالِبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَسْحِ الْعَرَقِ.

وَوَجَّهَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ جَرِيرٍ بِأَنَّهُ مَا كَانَ لِيُعَذِّبَ الْحَيَوَانَ بِالْعَرْقَبَةِ وَيُهْلِكَ مَالًا بِلَا سَبَبٍ وَلَا ذَنْبٍ لَهَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ هَذَا سَائِغًا فِي مِلَّتِهِمْ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: إِلَى أَنَّهُ إِذَا خاف المسلمون أن يظفر الكفار على شئ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ مِنْ أَغْنَامٍ وَنَحْوِهَا جَازَ ذَبْحُهَا وَإِهْلَاكُهَا لِئَلَّا يَتَقَوَّوْا بِهَا، وَعَلَيْهِ حُمِلَ صَنِيعُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ عَقَرَ فَرَسَهُ بِمَوْتِهِ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا كَانَتْ خَيْلًا عَظِيمَةً.

قِيلَ كَانَتْ عَشَرَةَ آلَافِ فَرَسٍ.

وَقِيلَ عِشْرِينَ أَلْفَ فَرَسٍ (?) .

وَقِيلَ كَانَ فِيهَا عِشْرُونَ فَرَسًا مِنْ ذَوَاتِ الْأَجْنِحَةِ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أيوب، حدَّثني عمارة بن عزية ": أن محمد بن إبراهيم حدثه 4)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015