بِالنَّحْوِ، فَصِيحَ الْعِبَارَةِ، جَيِّدَ الشِّعْرِ، مَحْمُودًا فِي الْأَحْكَامِ.
اتَّفَقَ أَنَّ السَّيِّدَةَ أُمَّ الْمُقْتَدِرِ وَقَفَتْ وقفاً وجعل هَذَا عِنْدَهُ نُسْخَةً بِهِ فِي سَلَّةِ الْحُكْمِ، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَنْقُضَ ذَلِكَ الْوَقْفَ فَطَلَبَتِ هذا الْحَاكِمَ وَأَنْ يُحْضِرَ مَعَهُ كِتَابَ الْوَقْفِ لِتَأْخُذَهُ منه فتعدمه، فلما حضر من رواء السِّتَارَةِ فَهِمَ الْمَقْصُودَ فَقَالَ لَهَا: لَا
يُمْكِنُ هَذَا، لِأَنِّي خَازِنُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِمَّا أَنْ تَعْزِلُونِي عن القضاء وتولوا هَذَا غَيْرِي، وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكُوا هَذَا الَّذِي تريدون أن تفعلوه، فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ وَأَنَا حَاكِمٌ.
فَشَكَتْهُ إِلَى ولدها المقتدر فشفع عنده المقتدر بذلك، فَذَكَرَ لَهُ صُورَةَ الْحَالِ.
فَرَجَعَ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِمَّنْ يُرْغَبُ فيه ولا يزهد فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى عَزْلِهِ وَلَا التَّلَاعُبِ بِهِ.
فَرَضِيَتْ عَنْهُ وَبَعَثَتْ تَشْكُرُهُ عَلَى مَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ: مَنْ قَدَّمَ أَمْرَ اللَّهِ عَلَى أَمْرِ الْعِبَادِ كَفَاهُ اللَّهُ شَرَّهُمْ، ورزقه خيرهم.
وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.
يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَكَتَبَ وَسَمِعَ وَحَفِظَ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْحِفَّاظِ، وَشُيُوخِ الرِّوَايَةِ، وَكَتَبَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَكَابِرِ، وَلَهُ تَصَانِيفُ تَدُلُّ عَلَى حفظه وفقهه وفهمه.
توفي بالكوفة وله سبعون سَنَةً (?) .
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَشَّارِ بْنِ زِيَادٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعَلَّافِ الضَّرِيرُ النهرواني، الشاعر المشهور، وكان أحد سمار المعتضد، وَلَهُ مَرْثَاةٌ طَنَّانَةٌ فِي هرٍّ لَهُ، قَتَلَهُ جيرانه لأنه أكل أفراخ حمامهم مِنْ أَبْرَاجِهِمْ.
وَفِيهَا آدَابٌ وَرِقَّةٌ، وَيُقَالُ إِنَّهُ أراد بها ابْنِ الْمُعْتَزِّ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَجَاسَرْ أَنْ يَنْسِبَهَا إليه من الخليفة المقتدر، لأنه هو الذي قتله.
وأولها: ياهر فَارَقْتَنَا وَلَمْ تَعُدِ * وَكُنْتَ عِنْدِي بِمَنْزِلِ الْوَلَدِ (?) وهي خمس وَسِتُّونَ بَيْتًا.