الْمِصْرِيَّةِ لِقِتَالِ هَارُونَ بْنِ خُمَارَوَيْهِ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ هَارُونُ فَاقْتَتَلَا فَقَهَرَهُ (?) مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَجَمَعَ آلَ طُولُونَ وَكَانُوا سَبْعَةَ عَشَرَ (?) رَجُلًا فَقَتَلَهُمْ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَمْلَاكِهِمْ.

وَانْقَضَتْ دَوْلَةُ الطُّولُونِيَّةِ على الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَكَتَبَ بِالْفَتْحِ إِلَى الْمُكْتَفِي.

وَحَجَّ بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي القائم بأمر الحجاج في السنين المتقدمة.

وممن توفي فيها

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ أَحَدُ الْمَشَايِخِ الْمُعَمَّرِينَ، كَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ خَمْسُونَ أَلْفًا مِمَّنْ مَعَهُ مِحْبَرَةٌ، سِوَى النَّظَّارَةِ، وَيَسْتَمْلِي عَلَيْهِ سَبْعَةُ مُسْتَمْلِينَ كَلٌّ يُبَلِّغُ صَاحِبَهُ، وَيَكْتُبُ بَعْضُ النَّاسِ وَهُمْ قِيَامٌ وَكَانَ كُلَّمَا حَدَّثَ بِعَشَرَةِ آلَافِ حَدِيثٍ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ.

وَلَمَّا فُرِغَ مِنْ قِرَاءَةِ السُّنَنِ عَلَيْهِ عَمِلَ مَأْدُبَةً غَرِمَ عَلَيْهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَقَالَ: شَهِدْتُ الْيَوْمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُبِلَتْ شَهَادَتِي وَحْدِي، أَفَلَا أَعْمَلُ شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟.

وَرَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالْخَطِيبُ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ قال: خرجت ذات ليلة من المنزل فَمَرَرْتُ بِحَمَّامٍ وَعَلَيَّ جَنَابَةٌ فَدَخَلْتُهُ فَقُلْتُ لِلْحَمَّامِيِّ: أَدَخَلَ حَمَّامَكَ أَحَدٌ بَعْدُ؟ فَقَالَ: لَا، فَدَخَلْتُ فَلَمَّا فَتَحْتُ بَابَ الْحَمَّامِ الدَّاخِلَ إِذَا قَائِلٌ يَقُولُ: أَبَا مُسْلِمٍ أَسْلِمْ تَسْلَمْ.

ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

لَكَ الْحَمْدُ إِمَّا عَلَى نِعْمَةٍ * وَإِمَّا عَلَى نِقْمَةٍ تَدْفَعُ تَشَاءُ فَتَفْعَلُ مَا شِئْتَهُ * وتسمع مِنْ حَيْثُ لَا يسمع قَالَ: فَبَادَرْتُ فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ لِلْحَمَّامِيِّ: أَنْتَ زَعَمْتَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ حَمَّامَكَ أَحَدٌ.

فَقَالَ: نَعَمْ! وَمَا ذَاكَ؟ فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ كذا وكذا.

قال: وسمعته؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

فَقَالَ: يَا سَيِّدِي هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْجَانِّ يَتَبَدَّى لَنَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَيُنْشِدُ الْأَشْعَارَ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ حَسَنٍ فِيهِ مَوَاعِظُ.

فَقُلْتُ: هَلْ حَفِظْتَ مِنْ شِعْرِهِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: نعم.

ثم أنشدني من شعره فقال هذه الأبيات أيها المذنب المفرط مهلاً * كم تمادى تكسب الذَّنْبَ جَهْلًا كَمْ وَكَمْ تُسْخِطُ الْجَلِيلَ بِفِعْلٍ * سَمِجٍ وَهْوَ يُحْسِنُ الصُّنْعَ فِعْلًا كَيْفَ تَهْدَا جُفُونُ مَنْ لَيْسَ يَدْرِي * أرضيَ عَنْهُ مَنْ عَلَى الْعَرْشِ أَمْ لَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عبد العزيز أبو حاتم الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْقُضَاةِ وَأَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ وَمِنْ أَئِمَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَرِعًا نَزِهَا كَثِيرَ الصِّيَانَةِ وَالدِّيَانَةِ وَالْأَمَانَةِ.

وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ ابْنُ الجوزي في المنتظم آثارا حسنة وأفعال جميلة، رحمه الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015