مَوْتِ يُوشَعَ وَبَعْثَةِ شَمْوِيلَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةً فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَمَّا أَنْهَكَتْهُمُ الْحُرُوبُ وَقَهْرَهُمُ الْأَعْدَاءُ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُنَصِّبَ لَهُمْ مَلِكًا يَكُونُونَ تَحْتَ طَاعَتِهِ لِيُقَاتِلُوا مِنْ وَرَائِهِ وَمَعَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْأَعْدَاءَ.
فَقَالَ لَهُمْ: (هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سبيل الله) [البقرة: 246] أي وأي شي يَمْنَعُنَا مِنَ الْقِتَالِ (وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا) يَقُولُونَ نَحْنُ مَحْرُوبُونَ مَوْتُورُونَ، فَحَقِيقٌ لَنَا أَنْ نقاتل عن أبنائنا المنهورين الْمُسْتَضْعَفِينَ فِيهِمْ الْمَأْسُورِينَ فِي قَبْضَتِهِمْ.
قَالَ تَعَالَى: (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) [البقرة: 246] كَمَا ذَكَرَ فِي آخِرِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزِ النَّهْرَ مَعَ الْمَلِكِ إِلَّا الْقَلِيلُ وَالْبَاقُونَ رَجَعُوا وَنَكَلُوا عَنِ الْقِتَالِ (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً) قال الثعلبي وهو طالوت بن قيش بن أفيل بن صارو بن تحورت بْنِ أَفِيحَ بْنِ أَنِيسَ بْنِ بِنْيَامِينَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ (?) .
قَالَ عكرمة والسدي كان سقاءاً وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ كَانَ دَبَّاغًا.
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (?) فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِهَذَا: (قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ) وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ النُّبُوَّةَ كَانَتْ فِي سِبْطِ لَاوِي وَأَنَّ الْمُلْكَ كَانَ فِي سِبْطِ يَهُوذَا فَلَمَّا كَانَ هَذَا مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ نَفَرُوا مِنْهُ وَطَعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا نَحْنُ أحق بالملك منه و [قد] (?) ذكروا أَنَّهُ فَقِيرٌ لَا سِعَةَ مِنَ الْمَالِ مَعَهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ مِثْلُ هَذَا مَلِكًا؟ (قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) .
قِيلَ كَانَ اللَّهُ قَدْ أَوْحَى إِلَى شَمْوِيلَ أَنَّ أَيَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ طُولُهُ عَلَى طُولِ هَذِهِ الْعَصَا وَإِذَا حَضَرَ عِنْدَكَ يَفُورُ هَذَا الْقَرْنُ (?) الَّذِي فِيهِ مِنْ دُهْنِ الْقُدْسِ فَهُوَ مِلْكُهُمْ فَجَعَلُوا يَدْخُلُونَ وَيَقِيسُونَ أَنْفُسَهُمْ بِتِلْكَ الْعَصَا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى طُولِهَا سِوَى طَالُوتَ وَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَ شَمْوِيلَ فَارَ ذلك القرن فدهنه منه وعينه للملك (?) عَلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً في العلم) قِيلَ فِي أَمْرِ الْحُرُوبِ وَقِيلَ بَلْ مُطْلَقًا (وَالْجِسْمِ) قِيلَ الطُّولُ وَقِيلَ الْجَمَالُ وَالظَّاهِرُ مِنَ