وَتَحَكَّمَ فِيهِ السُّمُّ، فَأَوْصَى عِنْدَ ذَلِكَ وَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ.

وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ أُمَّ الْخَلِيفَةِ دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَتْ لَهُ: كَيْفَ حَالُكَ؟ فَقَالَ: ذَهَبَتْ مِنِّي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَنْشَدَ لما أحيط به وأيس من الحياة: فَمَا فَرِحَتْ نَفْسِي بِدُنْيَا أَصَبْتُهَا (1) * وَلَكِنْ إِلَى الرَّبِّ الْكَرِيمِ أَصِيرُ فَمَاتَ يَوْمَ الْأَحَدِ لِخَمْسٍ بَقِينَ (2) مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقْتَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، قِيلَ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ.

وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إِنَّمَا مكث بالخلافة سِتَّةَ أَشْهُرٍ لَا أَزْيَدَ مِنْهَا.

وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أنَّه لَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ - الْعَامَّةَ وَغَيْرَهُمْ حِينَ وَلِيَ الْمُنْتَصِرُ - إِنَّهُ لَا يَمْكُثُ فِي الْخِلَافَةِ سِوَى ستة أشهر، وذلك مدة خلافة من قتل أباه لأجلها، كَمَا مَكَثَ شِيرَوَيْهِ بْنُ كِسْرَى حِينَ قَتَلَ أباه لأجل الملك.

وكذلك وقع، وَقَدْ كَانَ الْمُنْتَصِرُ أَعْيَنَ أَقْنَى قَصِيرًا مَهِيبًا جَيِّدَ الْبَدَنِ، وَهُوَ أَوَّلُ خَلِيفَةٍ مِنْ بَنِي العباس أبرز قبره بِإِشَارَةِ أُمِّهِ حَبَشِيَّةَ الرُّومِيَّةِ.

وَمِنْ جَيِّدِ كَلَامِهِ قَوْلُهُ: وَاللَّهِ مَا عَزَّ ذُو بَاطِلٍ قَطُّ، وَلَوْ طَلَعَ الْقَمَرُ مِنْ جَبِينِهِ، وَلَا ذَلَّ ذُو حَقٍّ قَطُّ وَلَوْ أَصْفَقَ الْعَالَمُ عَلَيْهِ.

(3) أنظر الطبري 11 / 79 والكامل لابن الأثير 7 / 114.

(4) في الكامل 7 / 114: أشهدا على أنفسهما القضاة وبني هاشم والقواد ووجوه الناس وغيرهم (أنظر الطبري الطبري 11 / 77) .

(*)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015