الضبي (?) ، ويحيى بن عبد الحميد الحماني (?) .
وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ الْوَاثِقَ جَلَسَ ليلة في دار الخلافة وجلسوا يسمرون عِنْدَهُ، فَقَالَ: هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَعْرِفُ سَبَبَ عُقُوبَةِ جَدِّي الرَّشِيدِ لِلْبَرَامِكَةِ؟ فَقَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ: نعم يا أمير المؤمنين! سبب ذلك أن الرشيد عرضت له جَارِيَةٌ فَأَعْجَبَهُ جَمَالُهَا فَسَاوَمَ سَيِّدَهَا فِيهَا فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أَقْسَمْتُ بِكُلِّ يَمِينٍ أَنْ لَا أَبِيعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ بِهَا وَبَعَثَ إِلَى يَحْيَى بن خالد الوزير ليبعث إليه بالمال مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَاعْتَلَّ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدَهُ، فأرسل الرشيد إليه يؤنبه ويقول: أما فِي بَيْتِ مَالِي مِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ؟ وَأَلَحَّ فِي طَلَبِهَا فَقَالَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ: أَرْسِلُوهَا إليه دراهم ليستكثرها، وَلَعَلَّهُ يَرُدُّ الْجَارِيَةَ.
فَبَعَثُوا بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ دَرَاهِمَ وَوَضَعُوهَا فِي طَرِيقِ
الرَّشِيدِ وَهُوَ خَارِجٌ إلى الصلاة، فلما اجتاز به رَأَى كَوْمًا مِنْ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: مَا هَذَا قَالُوا: ثَمَنُ الْجَارِيَةِ، فَاسْتَكْثَرَ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِخَزْنِهَا عِنْدَ بَعْضِ خَدَمِهِ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، وَأَعْجَبَهُ جَمْعُ الْمَالِ فِي حَوَاصِلِهِ، ثُمَّ شَرَعَ فِي تَتَبُّعِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا الْبَرَامِكَةُ قَدِ استهلكوها، فجعل يهمُّ بهم تارة يريد أخذهم وهلاكهم، وتارة يحجم عنهم، حتَّى إذا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي سَمَرَ عِنْدِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْعُودِ فَأَطْلَقَ لَهُ ثَلَاثِينَ ألفاً من الدراهم، فَذَهَبَ إِلَى الْوَزِيرِ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ برمك فطلبها منه فماطله مُدَّةً طَوِيلَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي في السمر عرض أبو العود بذلك للرشيد في قول عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: وَعَدَتْ هِنْدٌ وَمَا كَادَتْ تَعِدْ * لَيْتَ هِنْدًا أَنْجَزَتْنَا مَا تَعِدْ واستبدَّت مَرَّةً وَاحِدَةً * إِنَّمَا الْعَاجِزُ مَنْ لَا يستبد