حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَسَيَأْتِي.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ - يَعْنِي سُلَيْمَ بْنَ جُبَيْرٍ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَمْ يَرْفَعْهُ.
قَالَ جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: أَجِبْ رَبَّكَ فَلَطَمَ مُوسَى عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ.
فَفَقَأَهَا.
فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللَّهِ فَقَالَ إِنَّكَ بَعَثْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ.
قَالَ: وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي قَالَ: فردَّ اللَّهُ عَيْنَهُ، وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ لَهُ الْحَيَاةَ تُرِيدُ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَمَا وَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرِهِ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً.
قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ قَالَ: فَالْآنَ يَا رَبِّ مِنْ قَرِيبٍ ".
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَهُوَ مَوْقُوفٌ بِهَذَا اللَّفْظِ.
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طريق مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الحسن عن رسول الله فَذَكَرَهُ.
ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ لَمَّا قَالَ لَهُ هَذَا لَمْ يَعْرِفْهُ لِمَجِيئِهِ لَهُ عَلَى غَيْرِ صُورَةٍ يَعْرِفُهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا جاء جبريل فِي صُورَةِ أَعْرَابِيٍّ وَكَمَا وَرَدَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى إبراهيم ولوط فِي صُورَةِ شَبَابٍ فَلَمْ يَعْرِفْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَلَا لُوطٌ أَوَّلًا، وَكَذَلِكَ مُوسَى لَعَلَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ، لِذَلِكَ وَلَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِشَرِيعَتِنَا فِي جَوَازِ فَقْءِ عَيْنِ مَنْ نَظَرَ إِلَيْكَ فِي دَارِكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ * ثُمَّ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: " جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، قَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ، فَلَطَمَ مُوسَى عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَ عَيْنَهُ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.
كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ ثُمَّ تَأَوَّلَهُ عَلَى أنَّه لمَّا رَفَعَ يَدَهُ لِيَلْطِمَهُ، قَالَ لَهُ أَجِبْ رَبَّكَ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَا يَتَمَشَّى عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ اللَّفْظُ مِنْ تَعْقِيبِ قَوْلِهِ أَجِبْ رَبَّكَ بِلَطْمِهِ وَلَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ لَتَمَشَّى لَهُ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ، وَلَمْ يَحْمِلْ قوله هذا على أنه مطابق، إذ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي السَّاعة الرَّاهنة أَنَّهُ مَلَكٌ كَرِيمٌ، لِأَنَّهُ كَانَ يَرْجُو أُمُورًا كَثِيرَةً، كَانَ يُحِبُّ وُقُوعَهَا فِي حَيَاتِهِ مِنْ خُرُوجِهِ مِنَ التِّيهِ، وَدُخُولِهِمُ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، وَكَانَ قَدْ سَبَقَ في قدره اللَّهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَمُوتُ فِي التِّيهِ بعد هرون أَخِيهِ، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الَّذِي خَرَجَ بِهِمْ مِنَ التِّيه وَدَخَلَ بِهِمُ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ.
وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابِ وَجُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ.
وممَّا يدلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لَمَّا اخْتَارَ الْمَوْتَ: رَبِّ أَدْنِنِي إلى الأرض المقدسة رمية حجر.
وَلَوْ كَانَ قَدْ دَخَلَهَا لَمْ يَسْأَلْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَعَ قَوْمِهِ بِالتِّيهِ، وَحَانَتْ وَفَاتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَبَّ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ إِلَيْهَا، وَحَثَّ قَوْمَهُ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا الْقَدَرُ رَمْيَةً بِحَجَرٍ.
وَلِهَذَا قَالَ سَيِّدُ الْبَشَرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَهْلِ الْوَبَرِ وَالْمَدَرِ: " فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ ".
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا أُسْرِيَ بِي مَرَرْتُ بِمُوسَى وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ " (?) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ وَقَالَ السدي، عن