قِتَالَ أَبِي مُسْلِمٍ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْبِلَادِ نُوَّابًا وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا سَنَذْكُرُهُ فِي السَّنَةِ الآتية.
وَنَشِبَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ وبين ابن الْكَرْمَانِيِّ - وَهُوَ جُديع بْنُ عَلِيٍّ الْكَرْمَانِيُّ - فَقُتِلَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَجَعَلَ أَبُو مُسْلِمٍ يُكَاتِبُ كُلًّا مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ وَيَسْتَمِيلُهُمْ إِلَيْهِ، يكتب إلى نصر وإلى ابن الْكَرْمَانِيِّ: إِنَّ الْإِمَامَ قَدْ أَوْصَانِي بِكُمْ خَيْرًا ولست أعدوا رَأْيَهُ فِيكُمْ، وَكَتَبَ إِلَى الْكُوَرِ يَدْعُو إِلَى بَنِي العبَّاس فَاسْتَجَابَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌ غَفِيرٌ، وَأَقْبَلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَنَزَلَ بَيْنَ خَنْدَقِ نصر وخندق ابن الكراماني، فَهَابَهُ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا، وَكَتَبَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ إلى مروان يُعْلِمُهُ بِأَمْرِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ، وَأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَكَتَبَ في جملة كتابه: أرى بين الرماد وميض جمر * وأحرى (?) أن يكون له ضرام فإن النار بالعيدان تُذْكَى * وَإِنَّ الْحَرْبَ مَبْدَؤُهَا (?) الْكَلَامُ فَقُلْتُ مِنَ التعجب ليت شعري * أيقاظ أُمَيَّةُ أمْ نِيَامُ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ: الشَّاهِدُ يرى ما لا يراه الغائب، فقال نصر: إن صاحبكم قد أخبركم أن لا نصر عِنْدَهُ.
وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهَا بِلَفْظٍ آخَرَ: - أَرَى خَلَلَ الرَّمَادِ وَمِيضَ نَارٍ * فَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ لَهَا ضرام فإن النار بالعيدان تذكى * وإن الحرب أولها كلام فإن لم يطفها عقلاء قوم * يكون وقودها جئث وهام أقول من التعجب لت شعري * أيقاظ أُمَيَّةُ أمْ نِيَامُ؟
فَإِنْ كَانُوا لِحِينِهِمُ نِيَامًا * فقل قوموا فقد حان القيام (?)