لا تلحمن ذئاب الناس أنفسكم * إن الذباب (?) إِذَا مَا أُلْحِمَتْ رَتَعُوا لَا تبقرنَّ بِأَيْدِيكُمْ بُطُونَكُمُ * فَثَمَّ لَا حَسْرَةٌ تُغْنِي وَلَا جَزَعُ فلما استوثق لِيَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ أَمْرُهُ، وَبَايَعَهُ مَنْ بَايَعَهُ مِنَ النَّاسِ، قَصَدَ دِمَشْقَ فَدَخَلَهَا فِي غَيْبَةِ الْوَلِيدِ فَبَايَعَهُ أَكْثَرُ أَهْلِهَا فِي اللَّيْلِ، وَبَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ الْمِزَّةِ قَدْ بَايَعُوا كَبِيرَهُمْ مُعَاوِيَةَ بْنَ مَصَاد، فَمَضَى إِلَيْهِ يَزِيدُ مَاشِيًا فِي نفر من أصحابه، فأصابهم في الطريق خطر شَدِيدٌ، فَأَتَوْهُ فَطَرَقُوا بَابَهُ لَيْلًا ثُمَّ دَخَلُوا فَكَلَّمَهُ يَزِيدُ فِي ذَلِكَ فَبَايَعَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ مَصَادٍ، ثُمَّ رَجَعَ يَزِيدُ مِنْ لَيْلَتِهِ إِلَى دِمَشْقَ عَلَى طَرِيقِ الْقَنَاةِ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ أَسْوَدَ، فَحَلَفَ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دِمَشْقَ إِلَّا فِي السِّلَاحِ، فَلَبِسَ سِلَاحًا مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِ فَدَخَلَهَا، وَكَانَ الْوَلِيدُ قَدِ اسْتَنَابَ عَلَى دِمَشْقَ فِي غَيْبَتِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مُحَمَّدِ بن الحجاج بن يوسف الثقفي، وَعَلَى شُرْطَتِهَا أَبُو الْعَاجِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ اجْتَمَعَ أَصْحَابُ يَزِيدَ بَيْنَ الْعِشَائَيْنِ عِنْدَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، فلما أذن العشاء الْآخِرَةِ دَخَلُوا الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُهُمْ بَعَثُوا إِلَى يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ فَجَاءَهُمْ فَقَصَدُوا بَابَ الْمَقْصُورَةِ فَفَتَحَ لَهُمْ خَادِمٌ، فدخلوا فوجدوا أبا

العاج وهو سكران، فأخذوا خزائن بَيْتِ الْمَالِ وَتَسَلَّمُوا الْحَوَاصِلَ، وَتَقْوَوْا بِالْأَسْلِحَةِ، وَأَمَرَ يَزِيدُ بِإِغْلَاقِ أَبْوَابِ الْبَلَدِ، وَأَنْ لَا يَفْتَحَ إِلَّا لِمَنْ يَعْرِفُ، فلمَّا أَصْبَحَ النَّاس قَدِمَ أَهْلُ الْحَوَاضِرِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَدَخَلُوا مِنْ سَائِرِ أَبْوَابِ الْبَلَدِ، كُلُّ أَهْلِ مَحِلَّةٍ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِمْ، فَكَثُرَتِ الْجُيُوشُ حَوْلَ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي نُصْرَتِهِ، وكلهم قد بايعه بالخلافة.

وقد قال فيه بعض العشراء فِي ذَلِكَ: فَجَاءَتْهُمْ أَنْصَارُهُمْ حِينَ أَصْبَحُوا * سَكَاسِكُهَا أَهْلُ الْبُيوُتِ الصَّنَادِدِ وَكَلْبٌ فَجَاءُوهُمْ بِخَيْلٍ وَعِدَّةٍ * مِنَ الْبِيضِ وَالْأَبْدَانِ ثُمَّ السَّوَاعِدِ فَأَكْرِمْ بِهَا أَحْيَاءَ أَنْصَارِ سُنَّةٍ * هُمْ مَنَعُوا حُرْمَاتِهَا كُلَّ جاحد وجاءتهم شيبان وَالْأَزْدُ شُرَّعًا * وَعَبْسٌ وَلَخْمٌ بَيْنَ حَامٍ وَذَائِدِ وَغَسَّانُ وَالْحَيَّانِ قَيْسٌ وَتَغْلِبٌ * وَأَحْجَمَ عَنْهَا كُلُّ وَانٍ وَزَاهِدِ فَمَا أَصْبَحُوا إِلَّا وَهُمْ أَهْلُ مُلْكِهَا * قَدِ اسْتَوْثَقُوا مِنْ كُلِّ عَاتٍ وَمَارِدِ وَبَعَثَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَصَادٍ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ إِلَى قَطَنَا (?) لِيَأْتُوهُ بِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ نَائِبِ دمشق وله الأمان، وكان قد تحصن هُنَاكَ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَوَجَدُوا عِنْدَهُ خُرْجَيْنِ فِي كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَلَمَّا مَرُّوا بِالْمِزَّةِ قَالَ أَصْحَابُ ابْنِ مَصَادٍ: خُذْ هذا المال فهو خير مِنْ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا تُحَدِّثُ الْعَرَبُ أَنِّي أَوَّلُ مَنْ خَانَ، ثُمَّ أَتَوْا بِهِ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَاسْتَخْدَمَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جُنْدًا لِلْقِتَالِ قَرِيبًا مِنْ ألفي فارس، وبعث به مع أخيه عبد العزيز بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015