يُلْقَى هَذِهِ النَّصِيحَةَ وَهَذِهِ الْمَقَالَةَ وَهَذِهِ الْهِمَّةَ السَّامِيَةَ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ الْعَلِيَّةِ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى زَهْرَةِ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ إِلَّا مَنْ هَدَى اللَّهُ قَلْبَهُ، وَثَبَّتَ فُؤَادَهُ، وَأَيَّدَ لُبَّهُ، وَحَقَّقَ مُرَادَهُ، وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ وُرُودِ الشُّبُهَاتِ وَالْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّهَوَاتِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى خُرُوجَهُ فِي زِينَتِهِ وَاخْتِيَالَهُ فِيهَا، وَفَخْرَهُ عَلَى قَوْمِهِ بِهَا، قَالَ: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ كَمَّا رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ إِذْ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ (?) فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (?) ".

ثُمَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نحوه.

وقد ذكر ابْنِ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيِّ أَنَّ قَارُونَ أَعْطَى امْرَأَةً بَغِيًّا مَالًا عَلَى أَنْ تَقُولَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السلام وهو في ملاء مِنَ النَّاسِ إِنَّكَ فَعَلْتَ بِي كَذَا وَكَذَا فَيُقَالُ إِنَّهَا قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَرْعَدَ مِنَ الْفَرَقِ (?) وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا فَاسْتَحْلَفَهَا من ذلك عَلَى ذَلِكَ وَمَا حَمَلَكَ عَلَيْهِ، فَذَكَرَتْ أَنَّ قَارُونَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَغْفَرَتِ اللَّهَ وَتَابَتْ إِلَيْهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ خَرَّ مُوسَى لِلَّهِ سَاجِدًا وَدَعَا اللَّهَ عَلَى قَارُونَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنِّي قَدْ أَمَرْتُ الْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَكَ فِيهِ فَأَمَرَ مُوسَى الْأَرْضَ أَنْ تَبْتَلِعَهُ وَدَارَهُ فَكَانَ ذَلِكَ فَاللَّهُ

أَعْلَمُ.

وَقَدْ قِيلَ إِنَّ قَارُونَ لَمَّا خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ مَرَّ بِجَحْفَلِهِ وَبِغَالِهِ وَمَلَابِسِهِ عَلَى مَجْلِسِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ يُذَكِّرُ قَوْمَهُ بِأَيَّامِ اللَّهِ فلمَّا رَآهُ النَّاسُ، انْصَرَفَتْ وُجُوهُ كَثِيرٍ من الناس ينظرون إليه فدعا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ: يَا مُوسَى أَمَا لَئِنْ كُنْتَ فضِّلت عليَّ بِالنُّبُوَّةِ فَلَقَدْ فُضِّلْتُ عَلَيْكَ بِالْمَالِ، وَلَئِنْ شِئْتَ لَتَخْرُجَنَّ فَلَتَدْعُوَنَّ عَلَيَّ وَلَأَدْعُوَنَّ عَلَيْكَ فَخَرَجَ وَخَرَجَ قَارُونُ فِي قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ مُوسَى: تَدْعُو أَوْ أَدْعُو؟ قَالَ: أَدْعُو أنا، فدعى قَارُونُ، فَلَمْ يُجَبْ فِي مُوسَى، فَقَالَ مُوسَى أَدْعُو؟ قَالَ: نَعَمْ.

فَقَالَ مُوسَى: اللَّهُمَّ مُرِ الأرض فلتطغى الْيَوْمَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ فَقَالَ مُوسَى: يَا أَرْضُ خُذِيهِمْ فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَقْدَامِهِمْ، ثُمَّ قَالَ خُذِيهِمْ، فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبِهِمْ ثُمَّ إِلَى مَنَاكِبِهِمْ ثُمَّ قَالَ أَقْبِلِي بِكُنُوزِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَأَقْبَلَتْ بِهَا حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهَا ثُمَّ أَشَارَ مُوسَى بِيَدِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بَنِي لَاوِي فَاسْتَوَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ يُخْسَفُ بِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قَامَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ خُسِفَ بِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ.

وَقَدْ ذكر كثير من المفسرين ههنا إِسْرَائِيلِيَّاتٍ كَثِيرَةً أَضْرَبْنَا عَنْهَا صَفْحًا وَتَرَكْنَاهَا قَصْدًا.

وقوله تعالى (فما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015